خِتَانُ النبيِّ ﷺ:
الصحيح في ختانه ﷺ أن عبد المطِّلِب جَدَّ النبيِّ ﷺ خَتَنَهُ يومَ سابِعه على عادة العرب.
أخرج ابنُ عبد البَرِّ في "الاستيعاب" (1/ 151) عن ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: "إِنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ سَابِعِهِ، وجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً".
أما ما ورد من أحاديث تذكر أن النبيَّ ﷺ وُلِد مختونًا، فكلُّها ضعيفة.
قال ابن القيم – رحمه الله -: "وقيل: إن النبيَّ ﷺ وُلِد مختونًا مسرورًا، ورُوِي في ذلك حديثٌ لا يَصِحُّ، ذكره أبو الفرج بنُ الجوزيِّ في "الموضوعات"، وليس فيه حديث ثابت، وليس هذا من خواصِّه؛ فإن كثيرًا من الناس يولَد مختونًا" .
متى كان الختان والتسمية؟
لَمَّا كان اليومُ السابع من ولادته ﷺ، خَتَنه جَدُّه عبد المطَّلِب على عادة العرب، وعَقَّ عنه بِكَبْشٍ، وجَعَل له مَأْدُبَةً، وسَمَّاهُ مُحَمَّدًا ﷺ، ولم يكن العرب يَأْلَفون هذا الاسمَ، فاستغربه كلُّ مَن سَمِعه من قُرَيْشٍ، وسألوا عبدَ المُطَّلِب فقالوا: لِمَ رَغِبْتَ به عن أسماء أهل بيته؟ فأجابهم: أردتُ أن يَحْمَدَه الله تعالى في السماء وخَلْقُه في الأرض. قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/ 669): "قال بعض العلماء: ألهَمهم الله - عَزَّ وجَلَّ - أن سمُّوه محمدًا؛ لِما فيه من الصِّفات الحميدة؛ ليَلتقيَ الاسم والفعل، ويتطابَقَ الاسم والمُسَمَّى في الصورة والمعنى".
وقيل: سمَّاه جدَّه عبد المطَّلب "محمَّدًا"؛ لرؤيا رآها، وهي: أنه رأى في مَنامه كأن سلسلةً من فِضَّة خرجت من ظهره، لها طرفٌ في السماء، وطرف في الأرض، وطرف في المشرق، وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة، على كلِّ ورقة منها نور، فإذا أهل المشرق والمغرب كأنهم يتعلَّقون بها، فقصَّها، فعبِّرت له بمولود يكون من صُلبه يتَّبِعه أهل المشرق والمغرب، ويَحمَده أهل السماء والأرض، فلذلك؛ سمَّاه "محمدًا"، مع ما حدَّثته به أمُّه حين قيل لها: إنه قد حملت سيِّد هذه الأمَّة، فإذا وضعتيه فسمِّيه محمَّدًا" .
وقد أخرج البخاريُّ (3533): عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَلَا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ!».
وروى البخاريُّ (3532) ومسلم (2354) عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ». (على قدمي): على أَثَري. (العاقب) الذي ليس بعده أحد من الأنبياء.
وروى مسلم (2355) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُسَمِّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً، فَقَالَ: «أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ».
(المقفِّي): العاقب، المتَّبِع للأنبياء.
كُنْيَة النبيِّ ﷺ:
كنية النبيِّ ﷺ أبو القاسم؛ روى مسلم (2133) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ» وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: (وَلَا تَكْتَنُوا).