من فضائل السيدة خديجة – رضي الله عنها – أنها قد اختارها الله تعالى لتكون والدةَ جميع أولاد النبيِّ ﷺ، ما عدا إبراهيمَ، ولدته السيدة مَارِيَةُ القِبْطِيَّة.
أولاد السيدة خديجة من غير النبيِّ ﷺ:
كانَت السيدة خَدِيجَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَدْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ النبيِّ ﷺ بِرَجُلَيْنِ، وأنجبت منهما .
الْأَوَّلُ: عَتِيقُ بْنُ عَائِذِ بْنِ مَخْزُومٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ، وجَارِيَةً اسْمُهَا (هِنْدٌ)، فتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا صَيْفِيُّ بنُ أُمَيَّةَ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدًا.
وثَانِيهِمَا: أَبُو هَالَةَ بنُ مَالِكٍ، مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا اسْمُهُ هَالَةُ، وَوَلَدًا اسْمُهُ هِنْدٌ أَيْضًا، وجَارِيَةً اسْمُهُا زَيْنَبُ.
فالسيدة خديجة لها ابن وابنة باسم (هند)، الابنة: هندُ بنت عتيقٍ، والابن: هندُ بن أبي هالة.
أَوْلَادُ النَّبِيِّ ﷺ مِن السيدة خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:
وَلَدَت السيدة خَدِيجَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – جميع أولاد النبيِّ ﷺ، ما عدا إبراهيمَ، فإنه من مَارِيَةَ القِبْطِيَّةِ، ونذكرهم حسب ترتيب ولادتهم كالتالي:
1. القاسم: وهو أَوَّلُ مَنْ وُلدَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ خَدِيجَةَ قَبْلَ البَعْثَةِ، وبِهِ يُكَنَّى ﷺ، ومَاتَ القَاسِمُ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ سِنًّا تُمَكِّنُهُ مِنَ المَشْيِ.
2. زَيْنَبُ: وهي أكبَرُ بناتِهِ ﷺ، وأوَّل مَنْ زوَّج منهُنَّ، تزوَّجها ابن خَالَتِهَا أَبُو العاص بنُ الرَّبِيع العَبْسِيُّ -رضي اللَّه عنه- أمُّهُ هالةُ بنتُ خُويلد، أسلمَتْ زَيْنَبُ، وهاجَرَتْ مع أبيها ﷺ، وماتَتْ سنة (8 هـ) .
3. رُقَيَّةُ: وُلدَت رُقَيَّةُ وعُمُرُ رسول اللَّه ﷺ ثَلَاثٌ وثَلَاثُونَ سَنَةً، وتزوَّجَهَا عُثْمَانُ بنُ عفَّان -رضي اللَّه عنه- بمكَّةَ، وهاجرَتْ معه إلى أرضِ الحَبَشَةِ، وولَدَتْ لهُ هُنَاكَ ابْنًا فسمَّاهُ: عَبْدَ اللَّهِ، فكان عُثمان -رضي اللَّه عنه- يُكنّي به، وماتَتْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - يومَ وقْعَةِ بَدْرٍ، ودُفِنَتْ يومَ جَاءَ زَيْدُ بن حارثَةَ -رضي اللَّه عنه- بَشِيرًا بما فتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ يومَ بَدْرٍ .
4. أُمُّ كُلْثُومٍ: تزوَّجَها عثمانُ بن عفانَ -رضي اللَّه عنه- بعدَ وَفَاةِ أُخْتِهَا رُقَيّة، وهذا في جمادى الآخرة سنة (3 هـ)، ولَمْ تَلِدْ مِنْ عُثْمَانَ وَلَدًا، وتُوُفِّيت سنة (9 هـ)، وصلَّى عليها رسُولُ اللَّه ﷺ .
5. فاطِمَةُ: سَيِّدَةُ نسَاءِ العَالَمِينَ في زَمَانِهَا، وهي أصْغَرُ بنَاتِ رسُول اللَّه ﷺ، وُلدَتْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سنة إحدى وأربعين من مَوْلدِ النبيِّ ﷺ، وتوفِّيت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بعد وفاة أبيها ﷺ بسِتَّةِ أشْهُرٍ، وكانت أوَّلَ أهْلِهِ لُحُوقًا به، وصلَّى عليها علىُّ بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- وكان عُمُرُهَا لَمَّا تُوُفِّيَتْ تِسْعًا وعِشْرِينَ سَنَةً، وقيل: ثَلَاثِينَ سنةً، وقِيلَ: خَمْسًا وثَلَاثِينَ سنةً .
6. عَبْدُ اللَّهِ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُلَقَّبُ بالطَّيِّبِ والطَّاهِرِ؛ لأَنَّهُ وُلدَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أجْمَعِينَ.
قَالَ ابنُ القَيِّمِ: "ثُمَّ وُلِدَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَهَلْ وُلِدَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَوْ قَبْلَهَا؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وصَحَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ وُلدَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، وهَلْ هُوَ الطَّيِّبُ والطَّاهِرُ؟ أمْ هُمَا غَيْرُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: والصَّحِيحُ أنَّهُمَا لقبَانِ لَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ" .
تَعْيير المشركين للنبيِّ ﷺ بانقطاع نَسَبِه:
مَاتَ أبناء النبيِّ ﷺ وهُمْ صِغَارٌ، فَمَاتَ القَاسِمُ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ سِنًّا تُمَكِّنُهُ مِنَ المَشْيِ، ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ، وهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ، وكَانَ المُشْرِكُونَ يُعَيِّرُونَ النَّبِيَّ ﷺ بِانْقِطَاعِ أَثَرِهِ؛ لِوَفَاةِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ.
أخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 63) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: "مَاتَ القَاسِمُ، وهُوَ أَوَّلُ مَيْتٍ مِنْ وَلَدِهِ ﷺ بِمَكَّةَ ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ العَاصُ بنُ وَائِلٍ: لقدِ انْقَطَعَ وَلَدُهُ فَهوَ أَبْتَرُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}".﴾
أَمَّا بَنَاتُ الرَّسُولِ ﷺ فَكُلّهُنَّ أَدْرَكْنَ الإِسْلَامَ، وأَسْلَمْنَ، وعِشْنَ حَتَّى تَزَوَّجْنَ، وَكُلُّهُنَّ مِتْنَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ، مَا عَدَا فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقَدْ تُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ .