بداية تسامع الناس بالدين الجديد

أخذ الناس يتسامعون بالدين الجديد، الذي يدعو إلى عبادة الله وحده، ويأمر الخير والمعروف، وينهى عن الفواحش والمنكَر، وأخذ المؤمنون يزدادون، وسَارَعَ الفُقَرَاءُ إِلَى الدُّخُولِ في الإِسْلَامِ، ونذكر نُبذًا عن بعض من أسلموا في هذه المرحلة، وسبقوا إلى الإسلام.

عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ:

هو عامرُ بنُ فُهَيْرَةَ، مولى أبي بَكر الصِّدِّيق، وكان مَمْلُوكًا للطُّفيْلِ بن عبدِ اللَّه بن سخبرةَ، فأسلم وهو مَمْلوك، فاشترَاهُ أبو بكر الصِّدِّيق من الطفيْلِ، فأعتقَهُ، وأسلم -رضي اللَّه عنه- قبل أن يَدْخُلَ النبيُّ ﷺ دارَ الأرقمِ، وكان حسَنَ الإسلام، وعُذّبَ في اللَّه -رضي اللَّه عنه- وشهد عامِرٌ غزوَةَ بَدْرٍ، وأُحُدٍ، وقُتِل -رضي اللَّه عنه- يوم بِئْرِ معونةَ سنةَ أربعٍ من الهجرة، وهو ابن الأربعين سنةً .

عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ:

هو عَمَّارُ بن ياسِرٍ المِذْحَجِيُّ ثم العَنْسِيُّ، مولى بني مَخْزُومٍ، أحد السابقين الأولين، وأمُّه سُمَيَّةُ، وهي أوَّل من استُشْهِدَ في سبيل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - واختُلِفَ في هِجْرَته إلى الحبشة، وهاجرَ إلى المدينة، وشَهِدَ بدرًا، والمشاهِدَ كلها مع الرسول ﷺ. قُتِل -رضي اللَّه عنه- مع عليِّ بنِ أبي طالب بِصِفِّينَ في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين، وله ثلاث وتسعون سنةً، ودَفنَهُ عليٌّ في ثِيَابِهِ، ولم يُغَسِّلْهُ .

صُهَيْبُ بنُ سِنَانٍ الروميُّ:

هو صُهَيْبُ بنُ سِنَانٍ النِّمْرِيُّ، ويُعرف بالرُّومِيِّ لأنهُ أقام في الرُّومِ مُدَّةً، وهو مِنْ أهل الجزيرةِ، سُبِيَ من قَرْيَةِ نِينَوَى في العراق، ثمَّ إنهُ جُلِبَ إلى مكة، فاشْتَرَاهُ عبد اللَّه بنُ جُدْعَان القُرَشِيُّ التَّيْمِي، وكان -رضي اللَّه عنه- من السابقين الأوَّلين، وكان -رضي اللَّه عنه- من المُسْتَضْعَفِينَ بمَكة الذين عُذِّبُوا، وهاجر إلى المدينةِ، وكان -رضي اللَّه عنه- في لسَانِهِ عُجْمَةٌ شَدِيدَةٌ، وتوفِّي -رضي اللَّه عنه- بالمدينة سنة ثمانٍ وثلاثين في شوَّال، وقيل: سنة تسع وثلاثين وهو ابن ثلاث وسبعين سنةً، وقيل: وهو ابنُ سَبْعِين سنةً، ودُفِنَ بالمدينة .

بِلَالُ بنُ رَبَاحٍ الحَبَشِيُّ:

هو بِلالُ بنُ رَبَاحٍ، مَوْلى أبي بكر الصِّدِّيق، مُؤَذِّنُ رسول اللَّه ﷺ، من السَّابِقِينَ الأوَّلين، اشتَرَاهُ أبو بكر الصِّدِّيق -رضي اللَّه عنه- ثم أعْتَقَهُ، فلزِمَ النَّبِيَّ ﷺ وأذَّنَ له، وكان ﷺ ممن عُذِّب في اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - وشَهِدَ -رضي اللَّه عنه- بدرًا والمَشَاهد كلها، ومات في دمشقَ، وذلك في سنة عشرين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنةً .

مُصْعَبُ بنُ عُمَيْر:

هو مُصْعَبُ بن عُمَيْرٍ البَدْرِيُّ القُرَشِيُّ، كان -رضي اللَّه عنه- فَتى مَكَّة شَبَابًا وجَمَالًا، أسلمَ قَدِيمًا والنبيُّ ﷺ في دار الأرقم بن أَبِي الأرقَمِ، وكتَمَ إسلامَهُ خَوْفًا من أُمِّهِ وقَوْمِهِ، فعلمَهُ عثمانُ بنُ طَلْحَةَ، فأعلَمَ أهْلَهُ فأوْثَقُوهُ، فلمْ يَزَلْ محبُوسًا إلى أن هَرَبَ معَ مَنْ هاجَرَ إلى الحبَشَةِ، ثم هاجَرَ إلى المدينة بعد بَيْعَةِ العَقَبَةِ الأولى ليُعَلِّمَ الناس القُرْآن، ويُصَلِّيَ بِهِمْ، وشَهِدَ مُصْعَبٌ بَدرًا، ثم أُحدًا، واستُشهد بأُحُدٍ، قتلَهُ ابنُ قَمِئَةَ اللَّيْثيُّ - لعنَهُ اللَّه - وكان عمره -رضي اللَّه عنه- عندما استُشْهِدَ أربعينَ سنة أو أكثر قليلًا .

عَمْرُو بنُ عبَسَةَ:

هو عَمْرُو بن عَبَسَةَ، أبو نَجِيع السُّلَمِيُّ البَجَلِيُّ، أسلمَ قديمًا أول الإسلام، وهاجر إلى المدينة، وكان قُدُومُهُ المدينةَ بعد مُضِيِّ بدرٍ، وأُحُدٍ، والخندق، ونزل بعد ذلك بالشام، وماتَ في أواخر خِلافَةِ عُثْمَانَ -رضي اللَّه عنه .

عبْدُ اللَّهِ بنُ جَحْشٍ:

هو عبدُ اللَّه بن جَحْشٍ، أُمُّهُ أمَيْمَةُ بنتُ عبدِ المطلب عَمَّةُ النبيِّ ﷺ، أسلمَ قبلَ دُخُول الرسول ﷺ دار الأرقم، وهاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ إلى أرض الحَبَشة، وهاجَرَ -رضي اللَّه عنه- إلى المَدِينة بأهلِهِ، ثم شَهِدَ بَدْرًا، وقُتِلَ -رضي اللَّه عنه- في أُحُدٍ، وكان عُمُرُهُ حِينَ قُتِلَ في أحُدٍ نَيِّفًا وأربعينَ سَنَةً .

أخُوهُ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ بنُ جَحْشٍ:

هو عَبد بنُ جَحْشٍ، يُكنى أبا أَحْمَدَ، وغَلَبَتْ عليه كُنْيَتُهُ، وكان -رضي اللَّه عنه- من السَّابقين الأوَّلين إلى الإسلام، وكان أعمى، وكان شاعرًا، وهو مِمَّنْ هاجرَ إلى أَرضِ الحَبَشة مع أخيهِ عبد اللَّه، ثم هاجَرَ إلى المدينةِ، وشَهِدَ بَدْرًا والمشَاهِدَ كُلَّهَا، وتوفِّي بعد وفَاةِ أُخْتِهِ زَيْنَبَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ في سنة عشرين هجرية .

جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ:

هو جَعْفَرُ بنُ أبي طالِبٍ الهَاشِمِيُّ، ابنُ عَمِّ الرسول ﷺ، كان أشْبَهَ الناس برسُول اللَّه ﷺ خَلْقًا وخُلُقًا، مِنَ السَّابقين إلى الإسلام، هاجَرَ إلى الحَبَشَة، فأسلم النَّجَاشِيُّ ومن تَبِعَهُ على يَدَيْهِ، ثم هاجَرَ منها إلى المدينة، فقدِمَ والنبيُّ ﷺ بخَيبرَ، فتَلَقَّاهُ الرسول ﷺ واعْتَنَقَهُ، ثم أمَّرَهُ رسول اللَّه ﷺ على جَيْشِ غزْوَةِ مُؤْتَةَ إن قُتِلَ زَيْدُ بنُ حارِثَةَ -رضي اللَّه عنه- واستُشْهِدَ -رضي اللَّه عنه- في مُؤْتَةَ، وكانُ عُمُره -رضي اللَّه عنه- حين قُتِلَ إحدى وأربعين سنة .

امْرَأتُهُ أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ:

هي أسماءُ بنتُ عُمَيْسٍ الخَثْعَمِيَّةُ، أسلمَتْ قَدِيمًا، وهاجَرَت إلى أرض الحبشةِ مَعَ زَوْجِهَا جعفرِ بنِ أبي طالب، ثم هاجَرَت إلى المدينة، ولَمَّا استُشهِدَ زَوْجُها جعفرٌ في غزوة مُؤْتَة، زوَّجهَا رسول اللَّه ﷺ أبا بكْرٍ الصِّدِّيق -رضي اللَّه عنه- فولدَتْ لهُ مُحَمَّدًا وقْتَ الإحرَامِ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، ثم توفِّي الصِّدِّيق -رضي اللَّه عنه- فغَسَّلَتْهُ، فلمَّا ماتَ أَبُو بكرٍ الصديقُ -رضي اللَّه عنه- تزوَّجَها عليُّ بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- فولَدَتْ لهُ يَحْيى، كَانَتْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تُفَسِّرُ الأحلامَ، وكان عُمَرُ بن الخَطَّاب -رضي اللَّه عنه- يسألُهَا عن تَفْسِير الأحلامِ .

عَيَّاشُ بنُ أَبِي رَبِيعَةَ:

هو عَيَّاشُ بن أبي رَبِيعة، أخُو أَبِي جَهْلٍ لِأُمِّه، أسلم قَدِيمًا، وهاجر إلى أَرضِ الحَبشَة، وهاجر إلى المدينة، ثم خَدَعَهُ أبو جَهل، والحارِث بن هِشَام، فرجَعَ معهُمَا، فأوثَقَاهُ وحبَسَاهُ بمَكَّةَ، ولما مُنِعَ عيَّاشٌ منَ الهجرة قنَتَ رسُول اللَّه ﷺ يَدْعو للمُسْتَضْعَفِينَ بمَكَّة، ويُسَمِّي منهم: الوَليدَ بنَ الوَليد، وسَلَمةَ بنَ هِشَام، وعَيَّاشَ بنَ أبي ربيعةَ، وقُتل عَيَّاشٌ -رضي اللَّه عنه- في معرَكَةِ اليَرْموك .

امْرَأَتُهُ أسْمَاءُ بِنْتُ سَلَامَةَ:

هي أسماءُ بنتُ سَلَامَةَ، كانت من المُهَاجِرَات، هاجَرَت مع زَوْجِهَا عيَّاشِ بنِ أبي ربيعةَ إلى أَرضِ الحَبَشة، وولَدَتْ لهُ عَبْدَ اللَّه بن عَيَّاشٍ، ثم هاجرَت إلى المدينة .


للاستزادة


  1. سيرة ابن هشام (1/ 252).
  2. السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (1/ 287).

اخترنا لكم


أطلس الدعوة دعوة النبي ﷺ لأبي بكر الصديق
دعوة النبي ﷺ لأبي بكر الصديق

أبو بكر الصديق اسمه عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ، كان لَقَبُ (...)

أطلس الدعوة بدء الدعوة السرية
بدء الدعوة السرية

بعد نزول قوله تعالى: ﴿{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ}﴾ [المدثر: 1، 2] على النبيِّ ﷺ، قام يدعو إلى الله وإلى الإسلام سِرًّا، وكان طبَعي (...)

أطلس الدعوة بدء الدعوة السرية
بدء الدعوة السرية

بعد نزول قوله تعالى: ﴿{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ}﴾ [المدثر: 1، 2] على النبيِّ ﷺ، قام يدعو إلى الله وإلى الإسلام سِرًّا، وكان طبَعي (...)

أطلس الدعوة إسلام السابقين الأولين إلى الإسلام
إسلام السابقين الأولين إلى الإسلام

كان فضل السابقين الأوَّلين إلى الإسلام عظيمًا، فإنهم الرَّعِيلُ الأَوَّلُ، وطَلِيعَةُ الإِسْلَمِ، ومن حملوا همَّ الدعوة للإسلام من بدايتها، وتحمَّلوا (...)