ثُوَيْبَةُ الأسلمية مَوْلاة أبي لهب:
لم نجد نسبًا مذكورًا لها، إلا أنها جارية أبي لهب، وقد أرضعت النَّبيِّ ﷺ مع ابن لها رَضيع يُقال له: "مسروح"، أرضعته أيَّامًا قبل أن تَقدُم حليمةُ السَّعديَّة، وكانت قد أرضعت قبلَه حمزةَ بنَ عبد المطَّلب، وأرضعت بعده أبا سلمةَ بنَ عبد الأسد المخزوميَّ -رضي الله عنهما - وكان رسول الله ﷺ يَصِل ثُويبةَ وهو بمكَّةَ، وكانت خديجةُ – رضي الله عنها – تُكرِمها، وهي يومئذ مملوكة، وطلبت إلى أبي لهب أن تبتاعها منه لتَعتِقها، فأبى أبو لهب، فلمّا هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة أعتقها أبو لهب، وكان رسول الله ﷺ يبعث إليها بصِلَة وكِسْوة، حتّى جاءه خبرُها أنّها قد توفِّيَت سنةَ سبع، مَرْجِعَه من خيبر. فقال: ما فعل ابنها مسروح؟ فقيل: مات قبلها ولم يبقَ من قرابتها أحدٌ، ولم يُذكَر أنها أسلمت هي أو ابنها مسروح. ولَمَّا مات أبو لهب رآه بعض أهله في النَّوم على أسوأ حالة من الهمِّ والحزن والخَيبة، فقال: ماذا لَقِيتَ؟ قال أبو لهب: لم نَذُق بعدكم رخاءً، غيرَ أني سُقِيتُ في هذه بعتاقتي ثُوَيْبةَ، وأشار إلى النَّقيرة الّتي بين الإبهام والّتي تليها من الأصابع؛ أي: أنه سُقِي شيئًا قليلًا من الماء لا يُذكَر بسبب عتقه لثُويبةَ. أخرجه البخاريُّ (5101) ومسلم (1449).
قال ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة (8/ 60): " ثوبية التي أرضعت النبي ﷺ، وهي مولاة أبي لهب. ذكرها ابن مندهْ، وقال: اختُلف في إسلامها. وقال أبو نُعيم: لا أعلم أحدًا أثبت إسلامها، وفي باب من أرضع النبي ﷺ من طبقات ابن سعد ما يدلُّ على أنها لم تُسلِم؛ ولكن لا يُدفَع قول ابن منده بهذا".
حليمة السعدية:
هي حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شِجْنَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ رِزَامِ بْنِ نَاصِرَةَ بنِ فُصيةَ بنِ نصرِ بنِ سعدِ بنِ بكرِ بنِ هوَازنَ بنِ منصورِ بنِ عكرمةَ بنِ حفصةَ بنِ قيس عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ.
وَزوجها الْحَارِثُ بنُ عبد الْعُزَّى بنِ رِفَاعَة بنِ مَلَّانَ بنِ ناصرةَ بنِ فُصيَّةَ بنِ نصرِ بنِ سعدِ بنِ بكرِ بنِ هوَازنَ أخي سليم ومازن أَوْلَاد مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن خصفة بن قيس عيلان.
أرضعت حليمةُ رسول الله ﷺ حتى أكملت رضاعه، وَرَأَتْ لَهُ برهانًا وعِلْمًا جَلِيلًا، ثمّ قَدِمت مع زوجها على النبيِّ ﷺ عَقب حُنين، فقام إليها، وبَسَط لها رداءه، فجلست عليه، وأسلمت هي وزوجها الحارثُ، رضي الله عنهما.
قال ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (3/ 284، 285): "حليمةُ جزم بإسلامها وصُحبتها كثير من الْأَئِمَّة، مِنْهُم: الْحَافِظ أَبُو بكر أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة فِي تَارِيخه، فَذكرهَا فِي أَسمَاء الصحابيات اللائي روين عَن رَسُول الله ﷺ على الْقَبَائِل، فَقَالَ: وحليمة السعدية أم رَسُول الله ﷺ. وَكَذَلِكَ ذكرهَا أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير فِي ذكر النِّسَاء اللائي رَوَين عَن النَّبِي ﷺ وَخرّج أسماءهن على الْحُرُوف، فَقَالَ فِي حرف الْحَاء الْمُهْملَة بعد ذكرهَا ونسبها: وَهِي أمُّ رَسُول الله ﷺ الَّتِي أَرْضَعَتْه وفَصَلته، وَذكرهَا ابْن مَنْدهْ وَأَبُو نعيم فِي كِتَابَيْهِمَا فِي الصَّحَابَة، وَكَذَلِكَ ابْن عبد الْبر، وَقَالَ: هِيَ الَّتِي أرضعت رَسُول الله ﷺ حَتَّى أكملت رَضَاعه، وَرَأَتْ لَهُ برهانًا وعلمًا جَلِيلًا، وَذكرهَا ابْن الْجَوْزِيّ فِي الصحابيات فِي كتبه: التلقيح، والحدائق، وَالْوَفَاء، وَقَالَ فِي الْوَفَاء: قدمت عَلَيْهِ - يَعْنِي حليمة - بعد الْإِسْلَام فَأسْلمت وَزوجهَا وبايعاه - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيُّ: حليمة السعدية أمُّه - عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام - أسلمت وَجَاءَت إِلَيْهِ وروت عَنهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام".