تزوج عبد الله بن عبد المطَّلب بآمنة بنت وهب، حيث أخذ عبد المطَّلب بيد ابنه عبدِ الله، وذهب به حتى أتى منازلَ بني زُهرةَ، وخطب آمنةَ، ثم بنى بها عبد الله في مكَّةَ، وأقام في بيت أبيها ثلاثةَ أيام على عادة العرب في ذلك، حتى كان اليومُ الرابع، انتقل بها إلى منازل بني عبد المطَّلب، وعاش الفتى النَّسِيب الوسيم والفتاة الوادعة الجميلة الشريفة أيَّامًا معدوداتٍ، لم تتجاوز عند جمهرة المؤرِّخين عشَرةَ أيام، هي عمر الحياة الزوجية في هذا الزواج المبارك.
حمل السيدة آمنة برسول الله ﷺ:
في تلك الأيام المعدودة، حملت السيدة الشريفة آمنةُ بنتُ وهبٍ بسيِّد ولد آدم كلهم منذ خلق الله آدم حتى قيام الساعة، خاتم الأنبياء والمرسلين، وأطهر من وطئ الثرى، ومن ثَمَّ كانت أمومةُ آمنةَ هي أعظمَ أمومة في تاريخ البشر.
وقد تَوالَت على آمنةَ الرؤى والبُشريات بجلال قَدْر هذا الجَنين، فرأت فيما يرى النائم حين حَمَلت به أنه خرج منها نورٌ أضاء الأرض، وبَدَت منه قصورُ الشام؛ فقد روى أبو نُعيم في "دلائل النُّبوَّة" أن آمنةَ قالت: "رأيتُ كأنه خرج مني شهاب أضاءت له الأرض، حتى رأيتُ قصور الشام" ، وما كانت تلك الرؤى والمبشِّرات لتخفى دلالاتها على السيدة آمنةَ، وهي من هي ذكاءً وفِطنة، فقد فَهِمت أن من حملت به سيكون له شأن وذكر عظيم يطوف أرجاء الأرض.