قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
إن من أجلِّ الأذكار، وأعظم ما يتقرَّب به المسلم إلى الله تعالى من الطاعات الصلاة على النبيِّ ﷺ.
منزلة النبيِّ ﷺ عند الله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب:56]، هذه الآية العظيمة فيها شرف للنبي ﷺ، وبيان منزلته العظيمة عند الله تعالى، والصلاة من الله ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، وذكره بأوصافه الجميلة عند الملائكة، كما قال جماعة من السلف، ويدخل في صلاة الله أيضًا رحمته لعباده، وإحسانه إليهم؛ كما قال سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب:43]؛ يعني: يرحمكم ويُثني عليكم سبحانه وتعالى.
صلاة الملائكة:
صلاة الملائكة دعاؤهم للمصلَّى عليه، وترحُّمهم عليه، وثناؤهم عليه؛ كما في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ((المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ)) رواه البخاريُّ ومسلم. معنى (تصلي عليه): تدعو له بالرحمة.
أجر الصلاة على النبيِّ ﷺ:
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56]، فإننا مأمورون بأن نصلي عليه ﷺ ونسلِّم، والصلاة على النبيِّ ﷺ امتثال لأمر الله تعالى بالصلاة والسلام عليه ﷺ، وقد وردت أحاديث كثيرة فيها إخبار بعظم أجر الصلاة على النبيِّ ﷺ، منها:
- عنْ عبداللَّه بن عمرو بن العاص - رضي اللَّه عنْهُمَا - أنَّهُ سمِع رسُول اللَّه ﷺ يقُولُ: ((مَنْ صلَّى عليَّ صلاَةً، صلَّى اللَّه علَيّهِ بِهَا عشْرًا)) رواهُ مسلم، ورواه أحمد أيضًا عن أبي موسى بلفظ: «من صلى عليَّ صلاة واحدة، صلَّى الله عليه عشْرَ صلوات، وحطَّ عنه عشْرَ خطيئات، ورفع له عشْرَ درجات».
- عن ابن مسْعُودٍ – رضي الله عنه - أنَّ رسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: ((أَوْلى النَّاسِ بِي يوْمَ الْقِيامةِ أَكْثَرُهُم عَليَّ صَلاَةً)) رواه الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.
- عن أوسِ بنِ أوسٍ – رضي الله عنه - قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: ((إنَّ مِن أَفْضلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعةِ، فَأَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصلاةِ فِيهِ، فإنَّ صَلاتَكُمْ معْرُوضَةٌ علَيَّ))، فقالوا: يَا رسول اللَّه، وكَيْفَ تُعرضُ صلاتُنَا عليْكَ وقدْ أرَمْتَ؟ قال: يقولُ: بَلِيتَ، قالَ: ((إنَّ اللَّه حَرَّمَ عَلَى الأرْضِ أجْسادَ الأنْبِياءِ)) رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيحِ.
- عنْ أَبي هُريْرةَ - رضي اللَّه عنهُ - قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: ((لا تَجْعلُوا قَبْرِي عِيداً، وَصلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُني حيْثُ كُنْتُمْ)) رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
- عنْ أَبي هُريْرةَ - رضي اللَّه عنهُ - أنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: ((مَا مِنْ أَحَدٍ يُسلِّمُ علَيَّ إلاَّ ردَّ اللَّه علَيَّ رُوحي حَتَّى أرُدَّ عَليهِ السَّلامَ)) رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ.
- عنْ فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ، رضي اللَّه عَنْهُ، قَالَ: سمِع رسولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلاً يدْعُو في صلاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللَّه تَعالى، وَلَمْ يُصلِّ عَلى النَّبيِّ ﷺ، فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: ((عَجِلَ هَذَا))، ثمَّ دعَاهُ فَقَالَ لهُ أوْ لِغَيْرِهِ: ((إِذَا صلَّى أحَدُكُمْ فليبْدأْ بِتَحْمِيدِ ربِّهِ سُبْحانَهُ والثَّنَاءِ عليهِ، ثُمَّ يُصلي عَلى النَّبيِّ ﷺ ثُمَّ يدْعُو بَعدُ بِما شاءَ)) رواهُ أَبُو داود والترمذيُّ وقالا: حديثٌ حسن صحيحٌ.
ترك الصلاة على النبيِّ ﷺ:
عنْ أَبي هُريْرةَ - رضي اللَّه عنهُ - قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه ﷺ: ((رَغِم أنْفُ رجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ علَيَّ)) رواهُ الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.
وعن علِيٍّ - رضي اللَّه عنْهُ - قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: ((الْبخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَم يُصَلِّ علَيَّ)) رواهُ أحمد والنسائيُّ والترمذيُّ وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
كيفية الصلاة على النبيِّ ﷺ:
- عن أَبي محمدٍ كَعب بن عُجرَةَ - رضي اللَّه عنْهُ - قَالَ: خَرج علَيْنَا النبيُّ ﷺ فقُلْنا: يَا رَسُولَ اللَّه، قَدْ علِمْنَا كَيْف نُسلِّمُ عليْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي علَيْكَ؟ قَالَ: ((قُولُوا: اللَّهمَّ صَلِّ عَلَى مُحمَّدٍ، وَعَلى آلِ مُحمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ عَلى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حمِيدٌ مجيدٌ. اللهُمَّ بارِكْ عَلى مُحَمَّد، وَعَلى آلِ مُحَمَّد، كَما بَاركْتَ عَلَى آلِ إبْراهِيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ)) متفقٌ عليهِ.
- عنْ أَبي مسْعُود الْبدْريِّ، رضي اللَّه عنْهُ، قالَ: أَتاناَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَنَحْنُ في مَجْلِس سَعدِ بنِ عُبَادَةَ رضي اللَّه عنهُ، فقالَ لهُ بَشِيرُ بْنُ سعدٍ: أمرَنَا اللَّه أنْ نُصلِّيَ علَيْكَ يَا رسولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُصَّلي علَيْكَ؟ فَسكَتَ رسولُ اللَّه ﷺ، حَتَّى تَمنَّيْنَا أنَّه لمْ يَسْأَلْهُ، ثمَّ قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ، قولُوا: ((اللَّهمَّ صلِّ عَلى مُحَمَّدٍ، وَعَلى آلِ مُحمَّدٍ، كَمَا صليْتَ عَلَى آلِ إبْراهِيم، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّد، وعَلى آلِ مُحمَّد، كَمَا بَاركْتَ عَلى آلِ إبْراهِيم، إنكَ حمِيدٌ مجِيدٌ، وَالسَّلاَمُ كَمَا قَدْ عَلِمتم)) رواهُ مسلمٌ.
- عَنْ أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِديِّ - رضي اللَّه عنهُ - قالَ: قَالُوا: يَا رسولَ اللَّه كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قالَ: "قولُوا: ((اللَّهُمَّ صلِّ عَلَى مُحمِّدٍ، وعَلى أزْواجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْراهِيمَ، وباركْ عَلى مُحَمَّدٍ، وعَلى أَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بارَكتَ عَلَى آلِ إبْراهِيم، إنَّكَ حمِيدٌ مجِيدٌ)) متفقٌ عليهِ.
أفضل مواطن الصلاة على النبيِّ ﷺ:
- عند ذكر اسمه ﷺ أو كتابته أو قراءة اسمه الشريف ﷺ.
- في آخر التشهد.
- في أول الدعاء وآخره.
- في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية.
- في خطبة الجمعة والعيدين وغيرها من الخطب الدينية.
- بعد إجابة المؤذن وترديد الأذان وراءه.
- عند إقامة الصلاة.
- عند دخول المسجد.
- عند الخروج من المسجد.
- عند اجتماع القوم وقبل تفرقهم.
- عند الخروج إلى السوق.
- عقيب ختم الصلوات.
- عند القيام من المجلس.
- عند الهمِّ والشدائد وطلب المغفرة في الدعاء.
- بعد الفراغ من الوضوء.
- عند دخول المنزل.
- عند كل موضع يجتمع فيه لذكر الله تعالى.
- عند إلقاء الدروس وتبليغ العلم.