إسلام خديجة زوج النبي ﷺ

كانت السيدة خديجةُ بنتُ خُويلدِ بنِ أَسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ، زوجة النبيِّ ﷺ وسيِّدة نِسَاءِ العالمين في زَمَانها، رحمةً للنبيِّ ﷺ، خَفَّفَ اللَّه بها عن رسوله ﷺ الشدائد، فكانت تعمل بكل وُسعها للوقوف مع النبيِّ ﷺ والتخفيف عنه، وتهوين أمر الناس عليه، وهي ممن كَمُل من النِّساء، وقد تزَّوجها النبيُّ ﷺ قبلَ البَعْثَةِ بخمسَ عشْرَةَ سَنَةً.

السيدة خديجة أول الناس إسلامًا على الإطلاق:

كانت السيدة خديجة بِنْتُ خُوَيْلِدٍ – رضي الله عنها - أوَّلَ من آمنَ مِنَ النِّسَاء بالله ورسوله ﷺ، وصَدَّق بما جاء به؛ بَلْ إنها أوَّلُ مَنْ آمنَ بالله ورسوله ﷺ عَلَى الإطْلَاقِ، وقد آمَنَتْ خدِيجَةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ – رضي الله عنها - بالنبيِّ ﷺ، وصَدَّقَتْ بِمَا جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ، وآزَرَتْه عَلَى أمْرِهِ، فكانَتْ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وبِرَسُولِهِ، وصدَّقَ بِمَا جَاءَ مِنْهُ، فخَفَّفَ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْ نَبِيِّهِ ﷺ، فكان رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لا يَسْمَعُ شَيْئًا مِمَّا يَكْرَهُهُ مِنْ رَدٍّ عليْهِ، وتَكْذِيبٍ لَهُ، فَيُحْزِنُهُ ذَلِكَ، إِلَّا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا إِذَا رَجَعَ إِلَيْهَا، تُثَبِّتُهُ وتُخَفِّفُ عَلَيْهِ، وتُصَدِّقُهُ وتُهَوِّنُ علَيْهِ أمْرَ النَّاسِ؛ ما يدلُّ علي قوة يَقِينِها، ووفُورِ عَقْلِها، وصِحَّة عَزْمِها، فقد كانت عاقِلَةً جَلِيلةً دَيّنة مصونةً كَرِيمَةً، وهي من أهل الجنة، وهي أوَّل مَنْ تزوَّجها النبيُّ ﷺ، ولَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا غَيْرَهَا، حتَّى مَاتَتْ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وكان النبيُّ ﷺ يُثنِي عليها، ويُفَضِّلُهَا على سائر أمَّهَات المؤمنين، ويُبَالِغُ في تَعْظِيمِهَا، وكانت تُسَمَّى في الجاهلية (الطَّاهرة)، وكانت مُوسِرَةً، ووَلَدت من رسول الله ﷺ أولادَه كُلَّهم، إلا إبراهيمَ فقط.

قَالَ ابنُ الأثِيرِ في "أُسد الغابة" (5/ 260): "خَدِيجَةُ أوَّل امرأة تزوَّجها، وأوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ أَسْلَمَ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ، لمْ يَتَقَدَّمْهَا رَجُلٌ ولا امْرَأَةٌ".

وَقَالَ ابن حجر في الإصَابَةِ (8/ 99): "خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ زَوْجُ النبيِّ ﷺ، وأوَّلُ مَنْ صَدَّقَتْ ببعْثَتِهِ مُطْلَقًا".

سلام الله على السيدة خديجة:

روى البخاريُّ (3820) ومسلم (2432) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: "أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ، أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلا نَصَبَ". والصخب: هو الصوت المختلط المرتفع، والنصَب: هو المشقَّة والتعّب.

إسلام بَنَات النَّبِيِّ ﷺ:

وأَمَّا بَنَاتُهُ ﷺ فكُلُّهُنَّ أدْرَكْنَ الإِسْلَامَ، فأسْلَمْنَ وهَاجَرْنَ مَعَهُ ﷺ؛ فقد كنَّ يتمسَّكن قَبْلَ البَعْثَةِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أبُوهُنَّ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ، وحُسْنِ السِّيرَةِ، والتَّنَزُّهِ عمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ مِنْ عِبَادَةِ الأصْنَامِ، والوُقُوعِ في الآثَامِ، وباقْتِدَائِهِنَّ بِأُمِّهِنَّ في المُسَارَعَةِ إلى الإِيمَانِ.


للاستزادة


  1. سيرة ابن هشام (1/ 277).
  2. أسد الغابة (5/ 260).

اخترنا لكم


الدعوة السرية إسلام صديقه ﷺ أبي بكر الصديق
إسلام صديقه ﷺ أبي بكر الصديق

أبو بكر الصديق اسمه عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ، كان لَقَبُ (...)

الدعوة السرية ذَهاب النبيِّ ﷺ والسيدة خديجة إلى ورقة
ذَهاب النبيِّ ﷺ والسيدة خديجة إلى ورقة

كان من كمال عقل السيدة خديجة – رضي الله عنها – أنها ذهبت إلى ورقةَ بنِ نَوْفلٍ دون غيره، فلم تذهب إلى كاهن أو خادم للأصنام، أو إلى حكيم من حكماء العرب (...)

الدعوة السرية النبيُّ ﷺ يقصُّ على خديجةَ أمر جبريلَ
النبيُّ ﷺ يقصُّ على خديجةَ أمر جبريلَ

بعد ما حدث بين النبيِّ ﷺ وجبريلَ – عليه السلام – في أول لقاء بينهما وأول وحيٍ يتلقَّاه النبيُّ ﷺ، رجع إلى بيته فدخل على زوجته السيدة خديجة - رضي الله (...)

الدعوة السرية فُتور الوحي عن النبيِّ ﷺ
فُتور الوحي عن النبيِّ ﷺ

فتورُ الوحي عِبارةٌ عَنْ تأخُّرِهِ مُدَّةً منَ الزَّمانِ، فبعد أن نزل جبريلُ – عليه السلام – أوَّلَ مرَّةٍ على النبيِّ ﷺ في غار حِراءٍ، فَتَر الوحيُّ (...)