إسلام صديقه ﷺ أبي بكر الصديق

أبو بكر الصديق اسمه عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ، كان لَقَبُهُ عَتِيقًا، واشتُهِرَ بهِ، هو صِدِّيقُ هذ الأمَّةِ، وخَلِيفَة رسول اللَّه ﷺ، وهُوَ أَصْغَرُ مِنَ الرَّسُولِ ﷺ بسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ تَقْرِيبًا؛ فقد وُلد بعد عام الفِيل بسنتينِ وأشهر، صَحِبَ النبيَّ ﷺ قبلَ البَعْثَةِ، وسبقَ إلى الإيمان، وتُوُفِّي - رضي اللَّه عنه - في جُمادى الأولى سنةَ ثلاثَ عشْرةَ من الهجرة، وهو ابن ثلاثٍ وسِتِّين سنةً.

إسْلَامُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي اللَّه عنه -:

هو أوَّلُ مَنْ أسْلَمَ مِنْ خَارجِ بَيْتِ النَّبِيِّ ﷺ؛ فَهُوَ أوَّلُ مَنْ آمَنَ بالرَّسُولِ ﷺ مِنَ الرِّجَالِ البَالِغِينَ الأَحْرَارِ، وَكَانَ صَدِيقًا للنبيِّ ﷺ قَبْلَ البَعْثَةِ، وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ، وأَمَانَتِهِ، وكَرَمِ أخْلَاقِهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الكَذِبِ عَلَى الخَلْقِ، لذا؛ مَا إِنْ ذَكَرَ لَهُ رسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّ اللَّهَ أرْسَلَهُ، بَادَرَ إِلَى تَصْدِيقِهِ، ولَمْ يتَلَعْثَمْ، واستَمَرَّ مع النبيِّ ﷺ طَوالَ إقامَتِهِ بمَكَّةَ، ورَافَقَهُ في الهِجْرَةِ، وفي الغارِ، وفي المَشَاهِدِ كُلِّهَا، إلى أن ماتَ ﷺ، وهو أفضَلُ هذهِ الأمَّة بعد نَبِيِّها ﷺ، ومناقِبُهُ تَفُوقُ الحَصْرَ.

أخرج البُخَارِيُّ (3661) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ النبيُّ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكو لِي صَاحِبِي؟!" مَرَّتَيْنِ".

وأثنى عليه الله تبارك وتعالى في كتابه فقال: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].

دعوة أبي بكر لِلإِسْلَامِ:

لَمَّا أسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه- أظْهَرَ إسْلَامَهُ، ودَعَا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ﷺ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا إِلْفًا لقومه؛ لحُسْنِ خُلُقِهِ، وكَرَمِ طَبْعِهِ، ومَحَبَّتِهِ لغَيْرِهِ مثلَ ما يُحِبُّ لنفسِهِ، وكان مُحَبَّبًا سَهْلًا، وكَانَ بَليغَ العِلْمِ بالأنسَابِ، وأعْلمَ قُرَيْشٍ بِهَا وَبِمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خيرٍ وشرٍّ، وكَانَ رَجُلًا تَاجِرًا، ذَا خُلُقٍ ومَعْرُوفٍ، وَكَانَ رِجَالُ قَوْمِهِ يَأْتُونَهُ، ويَأْلفونَهُ؛ لِعِلْمِهِ، وتِجَارَتهِ، وحُسْنِ مُجَالَسَتِهِ، فَجَعَلَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى الإِسْلَامِ مَنْ وثِقَ به مِنْ قَوْمِهِ، مِمَّنْ يَجْلِسُ إِلَيْهِ، وأسلم على يديه كثير من الصحابة والمبشَّرين بالجنة.


للاستزادة


  1. الإصابة (4/ 145).
  2. سيرة ابن هشام (1/ 227).

اخترنا لكم


الدعوة السرية النبيُّ ﷺ يقصُّ على خديجةَ أمر جبريلَ
النبيُّ ﷺ يقصُّ على خديجةَ أمر جبريلَ

بعد ما حدث بين النبيِّ ﷺ وجبريلَ – عليه السلام – في أول لقاء بينهما وأول وحيٍ يتلقَّاه النبيُّ ﷺ، (...)

الدعوة السرية مراتب الوحي للنبيِّ ﷺ
مراتب الوحي للنبيِّ ﷺ

كان يُوحى للنبيِّ ﷺ بطرق عديدة، تختلف في هيئتها، وتختلف في شدَّتها على النبيِّ ﷺ، فكانت مراتب الوحيِ بعضها أشدُّ من بعض، وهي كالتالي: 1) الرُّؤْيَا (...)

الدعوة السرية نُزول الوحي على النبيِّ ﷺ
نُزول الوحي على النبيِّ ﷺ

لَمَّا بلغت سنُّ النبيِّ ﷺ أَرْبَعِينَ سنةً، أَشْرَقَ عَلَيْهِ نُورُ النُّبُوَّةِ، وَأَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرِسَالَتِهِ، وَبَعَثَهُ إِلَى خِلْقِهِ، وَاخْتَصَّهُ بِكَرَامَتِهِ، (...)

الدعوة السرية ابتداء فرض الصلاة على النبيِّ ﷺ
ابتداء فرض الصلاة على النبيِّ ﷺ

من المعلوم أن الصلاة فُرضت ليلةَ الإسراء والمعراج في السماء خمسَ صلوات في اليوم والليلة؛ إلَّا أن النبيَّ ﷺ والمسلمين كانوا يصلُّون قبل ذلك، لذا؛ لَمّ (...)