لأبي بكر الصديق – رضي الله عنه – مناقب وفضائل عظيمة، وهو أفضل الأمة على الإطلاق بعد نبيِّها ﷺ، وخليفةُ رسول الله ﷺ، وثاني اثنين إذ هما في الغار، ولا تكفي مقالة لذكر فضائله وفضله في الدعوة إلى الإسلام، ونذكر منها نُبَذًا مختصرة.
آيات من القرآن فيها فضل أبي بكر الصديق:
- أثنى عليه الله تعالى في كتابه بأنه ثاني اثنين، أولهما رسول الله ﷺ؛ فقال: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].
- قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ﴾ [النور: 22]. ولا خلافَ أنَّ ذلك الوصف بالفضل في أبي بكر - رضي الله عنه.
- نزل فيه قوله تعالى: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ [الليل: 17-21] .
أحاديث فيها فضل أبي بكر الصديق:
- أخرج البخاريُّ (466) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ»، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ؟ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ العَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، لاَ تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ».
- أخرج البخاريُّ (467) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا؛ وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ، غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ».
- أخرج مسلم (532) عن جُنْدَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ، وَهُوَ يَقُولُ: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ، فَإِنَّ اللهِ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»
- أخرج البُخَارِيُّ (3661) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ النبيُّ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكو لِي صَاحِبِي؟!" مَرَّتَيْنِ".
- أخرج الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (25) وابن ماجه (94) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ»، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: وَهَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟!
- أخرج أحمد في "فضائل الصحابة" (258) وأبو داود (4/ 213) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَأَخَذَ بِيَدِي، فَأَرَانِي بَابَ الْجَنَّةِ الَّذِي تَدْخُلُ مِنْهُ أُمَّتِي»، فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ: وَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنِّي كُنْتُ مَعَكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَا إِنَّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي».
- أخرج البخاريُّ (1897) ومسلم (1027) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ – أي: عَمِل صِنفين من أعمال البِرِّ - نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ – أي: من مَضرَّة - فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».
أي: قد سَعِد من دُعي من الأبواب جميعًا، ودعوته منها جميعًا أن يخيَّر في الدخول من أيِّها شاء، وهذا مزيد تكريم وفضل.
من فضائل أبي بكر الصديق – رضي الله عنه -:
- هو أول مَن أسلم من الرجال، أخرج الترمذيُّ (3997) وأورده ابن الأثير في جامع الأصول (6422) بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- عِنْدَمَا بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ: "ألَسْتُ أحَقَّ النَّاسِ بِهَا؟ ألَسْتُ أوَّلَ مَنْ أسْلَمَ؟".
- كان رسول الله ﷺ يثني عليه دائمًا، ويقول: "جئتُ أنا وأبو بكر وعمر".
- دُعي إلى الإسلام، فآمن دون تردُّد.
- ليس فِي الصَّحَابَةِ مَنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَوْلَادُهُ، وَأَدْرَكُوا النَّبِيَّ ﷺ وَأَدْرَكَهُ أَيْضًا بَنُو أَوْلَادِهِ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ مِنْ جِهَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ... فَهُمْ أَهْلُ بَيْتِ إِيمَانٍ، لَيْسَ فِيهِمْ مُنَافِقٌ، وَلَا يُعْرَفُ فِي الصَّحَابَةِ مِثْلُ هَذَا لِغَيْرِ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ. وَكَانَ يُقَالُ: لِلْإِيمَانِ بُيُوتٌ وَلِلنِّفَاقِ بُيُوتٌ فَبَيْتُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُيُوتِ الْإِيمَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَبَنُو النَّجَّارِ مِنْ بُيُوتِ الْإِيمَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ .
- أعتق عشرين من الصحابة من ربقة العبودية، الذين كانوا يعذَّبون بأشد أنواع العذاب وأقساه، وأنفق في ذلك أربعين ألف دينار.
- لما هاجر مع الرسول الله ﷺ أخذ ماله كلَّه في سبيل الله.
- حين مرض النبيُّ ﷺ أمره أن يُصلِّيَ بالناس، لذا؛ قال عمر - رضي الله عنه -: "أفلا نرضى لدنيانا مَن رَضِيه رسولُ الله ﷺ لديننا؟!
- قضى على المرتدِّين، وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام، وفتوحات العراق.
- في عهده جُمع القرآن.
وغير ذلك كثير من الفضائل له رضي الله عنه.