أمهات النبيِّ ﷺ وإخوته من الرضاع

1. كانت أوَّلُ من أرضعته ﷺ هي أمَّه آمِنةَ، قيل: أرضعته ثلاثةَ أيّام، وقيل: سبعًا، وقيل: تسعًا.

2. ثمّ أرضعته ثُوَيْبَةُ مَوْلاة أبي لهب مع ابن لها رَضيع يُقال له: "مسروح"، أرضعته أيَّامًا قبل أن تَقدُم حليمةُ السَّعديَّة، وكانت قد أرضعت قبلَه حمزةَ بنَ عبد المطَّلب، وأرضعت بعده أبا سلمةَ بنَ عبد الأسد المخزوميَّ -رضي الله عنهما - وكان رسول الله ﷺ يَصِل ثُويبةَ وهو بمكَّةَ، وكانت خديجةُ – رضي الله عنها – تُكرِمها، وهي يومئذ مملوكة، وطلبت إلى أبي لهب أن تبتاعها منه لتَعتِقها، فأبى أبو لهب، فلمّا هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة أعتقها أبو لهب، وكان رسول الله ﷺ يبعث إليها بصِلَة وكِسْوة، حتّى جاءه خبرُها أنّها قد توفِّيَت سنةَ سبع، مَرْجِعَه من خيبر. فقال: ما فعل ابنها مسروح؟ فقيل: مات قبلها ولم يبقَ من قرابتها أحدٌ، ولم يُذكَر أنها أسلمت هي أو ابنها مسروح. ولَمَّا مات أبو لهب رآه بعض أهله في النَّوم على أسوأ حالة من الهمِّ والحزن والخَيبة، فقال: ماذا لَقِيتَ؟ قال أبو لهب: لم نَذُق بعدكم رخاءً، غيرَ أني سُقِيتُ في هذه بعتاقتي ثُوَيْبةَ، وأشار إلى النَّقيرة الّتي بين الإبهام والّتي تليها من الأصابع؛ أي: أنه سُقِي شيئًا قليلًا من الماء لا يُذكَر بسبب عتقه لثُويبةَ. أخرجه البخاريُّ (5101) ومسلم (1449).

3. ثم حليمة السعدية، وهي حَليمةُ بنتُ أبي ذُؤيبٍ السَّعدية من مُضَرَ، أرضعت رسول الله ﷺ ثمّ قَدِمت مع زوجها على النبيِّ ﷺ عَقب حُنين، فقام إليها، وبَسَط لها رداءه، فجلست عليه، وأسلمت هي وزوجها الحارثُ، رضي الله عنهما.

إخوة النبيِّ ﷺ من الرضاع:

1. مسروح كانت أمُّه ثُوَيْبَةُ مَوْلاة أبي لهب تُرضع النبيَّ ﷺ بلَبَنه.

2. حمزةُ بنُ عبد المطَّلب، عمُّ النبيِّ ﷺ وأخوه من الرضاعة - رضي الله عنه - أرضعتهما ثُوَيبةُ مولاة أبي لهب، وأيضًا كان حمزةُ مسترضَعًا في بني سعدِ بنِ بكرٍ، فأرضعت أمُّه رسول الله ﷺ يومًا وهو عند أمِّه حليمةَ، فكان حمزةُ أخا النبيِّ ﷺ في الرضاعة من جهتين: من جهة ثُويبة، ومن جهة السَّعدية.

3. وُلد قبل النبيِّ ﷺ بسنتين، وقيل: بأربع، وأسلم في السنة الثانية من البعثة، ولازَم نَصْر رسول الله ﷺ، وهاجَر، وشهد بدرًا، وقُتل -رضي الله عنه - على يد وَحْشيِّ بنِ حربٍ في غزوة أحد في شوال من السنة الثالثة للهجرة، ودُفن هو وعبد الله بن جحش في قبر واحد؛ أخرج البخاريُّ (5100) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَلاَ تَتَزَوَّجُ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: «إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ»، وفي لفظ مسلم (1447) فَقَالَ: «إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي؛ إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّحِمِ».

4. عبد الله بنُ عبدِ الأسد المخزوميُّ، أخو النبيِّ ﷺ من الرضاعة، أرضعته ثُويبةُ بعد أن أرضعت النبيَّ ﷺ، وهو من السابقين الأوَّلين إلى الإسلام، أسلم بعد عشَرةِ أنفس، وهو ابن عمَّةِ النبيِّ ﷺ، أمُّه بَرَّةُ بنتُ عبد المطَّلب، شَهِد بدرًا وأُحدًا، ومات بعد أُحد بشهر في العام الثالث للهجرة؛ أخرج البخاريُّ (5107): أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: «وَتُحِبِّينَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ ذَلِكِ لاَ يَحِلُّ لِي»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ»، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَوَاللهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ». والمعنى أنها إن كانت بنتَ أبي سلمةَ من أمِّ سلَمةَ، فيكون تحريمها من وجهين؛ الأوّل: أنها ربيبته ﷺ، والربيبة بنت الزوجة من زوج آخر. والثاني: أنها ابنة أخيه من الرَّضاعة.

5. عبدُ الله بنُ الحارث بن عبد العُزَّى، أخو أُنَيْسةَ، وجُدَامةَ، وهي الشيماء، أولاد الحارث بن عبد العُزَّى، حيث أرضعت حليمةُ السعدية النبيَّ ﷺ بلَبن ابنها عبد الله؛ فثلاثة إخوته ﷺ في الرضاعة.

6. أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وهو ابن عمِّ النبيِّ ﷺ، أرضعته حليمةُ معه ﷺ، وكان شديدَ العداوة لرسول الله ﷺ، ثم أسلم عامَ الفتح وحَسُن إسلامه.


للاستزادة


  1. الطبقات الكبرى لابن سعد (1/ 87)
  2. اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (1/ 84)

اخترنا لكم


قبل الرسالة والنبوة وفاة أم النبيِّ ﷺ وكفالة جَدِّه
وفاة أم النبيِّ ﷺ وكفالة جَدِّه

لَمَّا بَلَغَ النبيُّ ﷺ سِتَّ سِنِينَ، تُوُفِّيَتْ وَالِدَتُهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ بِموضع يسمَّى (الْأَبْوَاءَ)، وهِيَ رَاجِعَةٌ بِهِ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ (...)

قبل الرسالة والنبوة زواج النبيِّ ﷺ من السيدة خديجةَ
زواج النبيِّ ﷺ من السيدة خديجةَ

السيدة خديجةُ بنتُ خُويلدِ بنِ أَسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ، سيِّدةُ نِسَاءِ العالمين في زَمَانها، وهي ممن كَمُل من (...)

قبل الرسالة والنبوة عَوْدَةُ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى أُمِّهِ
عَوْدَةُ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى أُمِّهِ

رُجُوعُ حَلِيمَةَ بِهِ ﷺ إلَى أُمِّهِ الحَنُونِ آمَنَةَ:بعد حادثة شقِّ صدره الشريف ﷺ خَشِيت حليمةُ السعدية وزوجُها عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فقرَّرا إرجاع (...)

قبل الرسالة والنبوة بركة النبيِّ ﷺ في بيت حليمة
بركة النبيِّ ﷺ في بيت حليمة

نِسْوة بني سعد والتماس الرُّضَعاء:خرجت حليمةُ من بلدها مع زوجها، وابنٍ لها صغير تُرضعه، في نِسْوة من بني سعدِ بنِ بكر، تلتمس الرُّضَعاء بمكَّةَ، قال (...)