مشاهد شاهدها النبي ﷺ في السماء الدنيا

لقد شاهد النبيُّ ﷺ في رحلة الإسراء والمعراج المباركة من آيات الله الكبرى، وسنذكر في هذه المقالة بعض هذه الآيات التي رآها النبيُّ ﷺ في السماء الدنيا في رحلة عروجه إلى السموات العلى.

المشهد الأول (حَالُ أَكَلَة أمْوَالِ اليَتَامَى ظُلْمًا):

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَمَّا دَخَلْتُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا... رَأَيْتُ رِجَالًا لَهُمْ مَشَافِرُ كَمَشَافِرِ الإِبِلِ – مِشْفَر البعير كالشَّفة للإنسان - فِي أَيْدِيهِمْ قِطَعٌ مِنْ نَارٍ كَالأَفْهَارِ - الفِهْر هو الحَجَر مِلء الكفِّ، وقيل: الحجر مُطلقًا - يَقْذِفُونَهَا فِي أَفْوَاهِهِمْ فَتَخْرُجُ مِنْ أدْبَارِهِمْ، فَقُلْتُ: "مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟"، قَالَ: هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ أمْوَالِ اليَتَامَى ظُلْمًا. انظر: سيرة ابن هشام (2/ 19)، دلائل النبوة للبيهقي (2/ 392).

المشهد الثاني (حال المُغْتَابِينَ):

عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي، مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمِشُونَ - أي: يَخدِشون - وُجُوهَهُمْ وصُدُروَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، ويَقَعُونَ فِي أعْرَاضِهِمْ". أخرجه أحمد في مسنده (13340)، وأبو داود في سننه (4878) بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وفسَّر النبيُّ ﷺ الغِيبَة في الحديث الذي أخرجه مسلم (2589)، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: "أتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟"، قَالُوا: اللَّهُ ورسوله أعلم، قال رَسُول اللَّهِ ﷺ: "ذِكْرُكَ أخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ".

المشهد الثالث (حَالُ الزُّنَاةِ):

قَالَ الرَّسُولُ ﷺ: "ثُمَّ رَأَيْتُ رِجَالًا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ سَمِينٌ طَيِّبٌ، إِلَى جَنْبِهِ لَحْمٌ غَثٌّ – أي: ضعيف مهزول - مُنْتِنٌ، فَيَأْكُلُونَ مِنَ الغَثِّ المُنْتِنِ، ويَتْرُكُونَ السَّمِينَ الطَّيِّبَ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟".

قَالَ: هَؤُلَاءِ الذِينَ يَتْرُكُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ، وَيَذْهَبُونَ إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُنَّ؛ (أي: يَزْنُون). انظر: سيرة ابن هشام (2/ 19)، دلائل النبوة للبيهقي (2/ 392).

المشهد الرابع (حَالُ أَكلَةِ الرِّبَا):

قَالَ الرَّسُولُ ﷺ: "ثُمَّ رَأَيْتُ رِجَالًا بُطُونُهُمْ أَمْثَالُ البُيُوتِ بِسَبِيلِ – أي: بطريق - آلِ فِرْعَوْنَ يَمرُّونَ عَلَيْهِمْ كَالإِبِلِ المَهْيُومَةِ - الهُيَام: داء يُشبِه الحُمَّى يأخذ الإبل فيَكسِبها العطَش الشديد، فتَهيم في الأرض لا تَرْوَى ولا تَرْعى حتى تَهلِك - حِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ، يَطَؤُونَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْ مَكَانِهِمْ ذَلِكَ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟"، قَالَ: هَؤُلَاءَ أَكَلَةُ الرِّبَا. انظر: سيرة ابن هشام (2/ 19)، دلائل النبوة للبيهقي (2/ 392).

المشهد الخامس (حَالُ النِّسَاءِ اللَّاتِي يُدْخِلْنَ عَلَى الأَزْوَاجِ مَا لَيْسَ مِنْهُمْ):

قَالَ ﷺ: "ثُمَّ رَأَيْتُ نِسَاءً مُعَلَّقَاتِ بِثُدِيِّهِنَّ، فَقُلْتُ: "مَنْ هَؤُلَاءَ يَا جِبْرِيلُ؟"، قَالَ: هَؤُلَاءِ اللَّاتِي أَدْخَلْنَ عَلَى الرِّجَالِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ. انظر: سيرة ابن هشام (1/ 406)، تفسير عبد الرزاق (2/ 284).

للاستزادة


  1. اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (1/ 481).
  2. تفسير عبد الرزاق (2/ 284).

اخترنا لكم


دلائل النبوة وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

لقد أرسل الله تعالى رسوله ﷺ رحمة للعالمين، من آمَن به أو لم يؤمن به على السواء؛ رحمةً للبشرية جمعاءَ؛ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً (...)

دلائل النبوة عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً
عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً

إن النبيَّ ﷺ اسمه محمد، قد اشتمل مُسَمَّاهُ على الْحَمد؛ "فَإِنَّهُ ﷺ مَحْمُود عِنْد الله، ومحمود عِنْد مَلَائكَته، ومحمود عِنْد إخوانه من الْمُرْسلين (...)

دلائل النبوة ما سُمع من اليهود والرهبان من الإخبار عن نبوته ﷺ
ما سُمع من اليهود والرهبان من الإخبار عن نبوته ﷺ

كَانَتْ الْأَحْبَارُ مِنْ يَهُودَ، وَالرُّهْبَانُ مِنْ النَّصَارَى، قَدْ تَحَدَّثُوا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ مَبْعَثِهِ، لَمَّا تَقَارَبَ مِ (...)

دلائل النبوة تقديم نبوته ﷺ قبل خلق آدم
تقديم نبوته ﷺ قبل خلق آدم

كانت نبوَّة النبي ﷺ مذكورةً معروفة من قبل أن يَخلُقه الله تعالى ويُخرجه إلى دار الدنيا حيًّا، وكان ذلك مكتوبًا في أمِّ الكتاب من قبل نفخ الروح في آدم (...)