الوضوء والصلاة من أول أوامر الله للنبيِّ ﷺ

بدأ المسلمون يتلقَّون القرآن الكريم من النبيِّ ﷺ، والقرآن يتنزل تترى دون انقطاع، وبدأ الاجتهاد في العبادة والطاعة، بعد أن ثبتت عقيدتهم في توحيد الله تعالى، فبدأت تتنزَّل أوامر الله تعالى بالعبادة والطاعة، وكَانَ مِنْ أوَائِلِ مَا نَزَلَ الأَمْرُ بالوُضُوءَ والصَّلَاةِ، وكان من أسلم إذا أراد الصلاة، يذهب إلى بعض الشِّعاب يستخفي بصلاته من المشركين.

نزول تشريع الوضوء:

أخرج الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ (17480) عَنْ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ جِبْرِيلَ - عليهِ السَّلامُ - أتاهُ في أوَّلِ ما أُوحِيَ إِلَيْهِ، فَعَلَّمَهُ الوُضُوءَ والصَّلَاةَ.

وأخرج الإمام أحمد في مسنده (2762)، وابن حبان (6502) والحاكم (600) عنِ ابنِ عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: دَخَلَتْ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وهِيَ تَبْكِي، فقَالَتْ: هَؤُلاءَ المَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ تَعَاقَدُوا عَلَيْكَ لوْ قَدْ رَأَوْكَ... فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا بُنيَّةُ، ايتِيني بِوَضُوءٍ"، فتَوَضَّأَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمُ المَسْجِد.

الأمر بالصَّلَاةِ:

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: 39].

قَالَ ابنُ كَثِير في تفسيره (7/ 409): "كَانَت الصَّلَاةُ المَفْرُوضَةُ قَبْلَ الإِسْرَاءِ ثِنْتيْنِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ في وَقْتِ الفَجْرِ، وقَبْلَ الغُرُوبِ في وَقْتِ العَصْرِ، وقِيامُ اللَّيْلِ كَانَ وَاجِبًا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وعَلَى أُمَّتِهِ حَوْلًا، ثُمَّ نُسِخَ في حَقِّ الأمَّةِ وُجُوُبهُ، ثمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ كُلَّهُ لَيْلَةَ الإِسْرَاءَ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ".

وقال تَعَالَى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [غافر: 55].

قَالَ القُرْطُبِيُّ في تَفْسِيرِه (18/ 372): "هِيَ صَلاةٌ كَانَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ رَكْعَتَانِ غُدْوَةً، ورَكْعَتَانِ عَشِيَّةً، فيَكُونُ هذَا مِمَّا نُسِخَ، واللَّهُ أعْلَمُ".

وَقَالَ ابن حجر في فتح الباري (9/ 675): "كَانَ رسُولُ اللَّه ﷺ قَبْلَ الإِسْرَاءِ يُصَلِّي قَطْعًا، وكَذَلِكَ أصْحَابهُ؛ ولَكِنِ اخْتُلِفَ: هَل افتُرِضَ قَبْلَ الصَّلَواتِ الخَمْسِ شَيْءٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ أمْ لَا؟ فَيَصِحُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الفَرْضَ أوَّلًا كَانَ صَلَاةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وصَلَاةً قَبْلَ غُرُوبِهَا، والحُجَّةُ فِيهِ قَوْلُه تَعَالَى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: 130]".


للاستزادة


  1. فتح الباري لابن حجر (1/ 314).
  2. تفسير ابن كثير (7/ 409).

اخترنا لكم


الدعوة السرية بداية نبوته ﷺ الرؤيا الصادقة
بداية نبوته ﷺ الرؤيا الصادقة

كانت بشائر نبوَّة النبيِّ ﷺ ظاهرةً منذ مولده ﷺ؛ مثل كماله الأخلاقيِّ وسط مجتمع الجاهلية، وعندما اقترب نزول الوحيِ عليه، بدأت تَلُوحُ آثارُ النُّبُوَّة (...)

الدعوة السرية النبيُّ ﷺ يقصُّ على خديجةَ أمر جبريلَ
النبيُّ ﷺ يقصُّ على خديجةَ أمر جبريلَ

بعد ما حدث بين النبيِّ ﷺ وجبريلَ – عليه السلام – في أول لقاء بينهما وأول وحيٍ يتلقَّاه النبيُّ ﷺ، (...)

الدعوة السرية مُقدِّمات نُزول الوحيِ على النبيِّ ﷺ
مُقدِّمات نُزول الوحيِ على النبيِّ ﷺ

عندما اقترب نزول الوحي على النبيِّ ﷺ، بدأت تَلُوحُ آثارُ النُّبُوَّةِ عليه ﷺ، وتهيئته لاستقبال الوحي، وكان أول ما بُدئ (...)

الدعوة السرية فضائل خليفة النبي ﷺ أبي بكر في الدعوة للإسلام
فضائل خليفة النبي ﷺ أبي بكر في الدعوة للإسلام

لأبي بكر الصديق – رضي الله عنه – مناقب وفضائل عظيمة، وهو أفضل الأمة على الإطلاق بعد نبيِّها ﷺ، وخليفةُ رسول الله ﷺ، وثاني اثنين إذ هما في الغار، ولا ت (...)