رسول الله ﷺ الأسوة الحسنة

قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].

إن هديَ النبيِّ ﷺ يُضرَب به أروع الأمثال، وعلى المسلم أن يتَّبِع هَدْيَ النبيِّ ﷺ في سائر أحواله؛ فهو الرحمة المهداة، والسراج المنير، والأسوة الحسنة، الذي مدح الله تعالى خُلقه في القرآن قائلًا: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].

التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ:

قال ابن كثير في تفسيره (6/ 391): "هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ؛ وَلِهَذَا أُمِرَ النَّاسُ بِالتَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، فِي صَبْرِهِ وَمُصَابَرَتِهِ وَمُرَابَطَتِهِ وَمُجَاهَدَتِهِ وَانْتِظَارِهِ الْفَرَجَ مِنْ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى لِلَّذِينِ تَقَلَّقُوا وَتَضْجَّرُوا وَتَزَلْزَلُوا وَاضْطَرَبُوا فِي أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أَيْ: هَلَّا اقْتَدَيْتُمْ بِهِ وَتَأَسَّيْتُمْ بِشَمَائِلِهِ؟ وَلِهَذَا قَالَ: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}".

قال الشوكانيُّ في فتح القدير (4/ 311): "وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ عِتَابٌ لِلْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْقِتَالِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَيْ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ حَيْثُ بَذَلَ نَفْسَهُ لِلْقِتَالِ وَخَرَجَ إِلَى الْخَنْدَقِ لِنُصْرَةِ دِينِ اللَّهِ، أُسْوَةٌ، وَهَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَ سَبَبُهَا خَاصًّا فَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمِثْلُهَا: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وَقَوْلُهُ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}، واللام في {لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}: متعلِّق بحَسَنة، أو: بمحذوف هو صفة لحسنة؛ أَيْ: كَائِنَةٌ لِمَنْ يَرْجُو اللَّهَ... وَالْمُرَادُ بِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ: الْمُؤْمِنُونَ؛ فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَرْجُونَ اللَّهَ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ، وَمَعْنَى يَرْجُونَ اللَّهَ: يَرْجُونَ ثَوَابَهُ أَوْ لِقَاءَهُ، وَمَعْنَى يَرْجُونَ الْيَوْمَ الْآخِرَ: أَنَّهُمْ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ فِيهِ، أَوْ يُصَدِّقُونَ بِحُصُولِهِ، وَأَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَخْصِيصٌ بَعْدَ التَّعْمِيمِ بِالْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ؛ أَيْ: وَلِمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَجَمَعَ بَيْنَ الرَّجَاءِ لِلَّهِ وَالذِّكْرِ لَهُ، فَإِنَّ بِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ بِرَسُولِ الله ﷺ".

رسول الله الأسوة الحسنة:

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ} محمد ﷺ {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وَالْأُسْوَةُ: الِاقْتِدَاءُ، فَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَ أَنْ يَجْعَلَ قُدْوَتَهُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَذَلِكَ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، فالآية دليلٌ على أن جميع طريق النبيِّ ﷺ حَسُنٌ ليس فيه سيِّئ، والواجب على المسلم أن يتأسَّى برسول الله ﷺ تأسِّيًا حسنًا، لا غُلُوَّ فيه - فالغلوُّ زيادة - ولا تفريط - فالتفريط نُقصان - {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}، فيتأسًّى برسول الله ﷺ رجاءَ ثواب الله تعالى والفوز في اليوم الآخر.

وقد أخبر ﷺ أن ذا الخُلق الحَسن من أحبِّ المؤمنين وأقربِهم منه مجلسًا يوم القيامة؛ قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا، وَإِنَّ من أَبْغَضكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَلِمْنَا "الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ" فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «الْمُتَكَبِّرُون» ( [1]). (الثَّرْثَار): هو كثير الكلام بغير فائدة دينية، و(المتشدِّق): المتكلِّم بمِلءِ فِيهِ تفاصحًا وتعاظمًا وتطاولاً وإظهارًا لفضله على غيره، وأصله من الفَهْقِ وهو الامتلاء.

وقال رسول الله ﷺ: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلْقُهُ»([2] ). فجَعَل البيت العُلويَّ جزاءً لأعلى المقامات الثلاثة، وهي حُسن الخُلق، والأوسط لأوسطها، وهو ترك الكَذِب، والأدنى لأدناها، وهو ترك الْمُمَاراة وإن كان معه حقٌّ. ولا رَيْبَ أن حُسن الخُلق مشتمِلٌ على هذا كلِّه.

التأسِّي بأخلاق النبي ﷺ:

إن الأخلاق لها شأن عظيم في الإسلام، والنبيُّ ﷺ هو الأسوة الحسنة، وهو النموذج الذي وضعه الله للبشر ليتأسَّوْا به، وأخبرهم أنه على خُلق عظيم؛ قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم : 4].

وقد أخبر ﷺ أنه بُعِث ليتمِّم مكارم الأخلاق؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله ﷺ: «إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاق» .

فالمؤمن يتأسى به ﷺ في حِلمه وعفوه وتسامحه، روى البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: «دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ؛ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». (هريقوا): صُبُّوا. (سَجْلًا): الدلو المتلئة ماءً. (ذَنوبا): الدلو الكبير الممتلىء ماءً.

وروى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ» فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ ﷺ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا عَائِشَةُ، مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا؛ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ».

وفي كرمه روى البخاري ومسلم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: "مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ لَا"، ورى مسلم عن أنس – رضي الله عنه - قال: "مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ".

وفي شجاعته ﷺ حيث كان ﷺ أشجعَ الناس، وأمضاهم عزمًا وإقدامًا، كان الناس يفرُّون وهو ثابت؛ عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان النبيُّ ﷺ أحسنَ الناس، وأشجعَ الناس، وأجود الناس، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ: ((لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا)) رواه البخاري ومسلم.

وفي معاملته لزوجاته: كان النبي ﷺ يعامل زوجاته بلطف واحترام، وكان مثالاً للزوج الصالح، وقال ﷺ: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» رواه الترمذيُّ وقال: حديث حسن صحيح.

قال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 146): "وكانت سيرته مع أزواجه حُسنَ المعاشرة، وحُسن الخُلق، وكان يسرِّب إلى عائشة بناتِ الأنصار يلعبن معها، وكان إذا هَوِيت شيئًا لا محذورَ فيه، تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإناء، أخذه فوضع فمَه في موضع فَمِها وشَرِب، وكان إذا تعرَّقت عَرْقًا - وهو العظمُ الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتَّكِئ في حجرها، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها، وربما كانت حائضًا.

وكان يأمرها وهي حائض فتتَّزِر ثم يباشرها، وكان يقبِّلها وهو صائم، وكان من لطفه وحُسن خُلقه مع أهله أنه يمكِّنها من اللعب، ويريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده، وهي متَّكِئة على مَنكِبَيه تنظر، وسابَقَها في السَّفَر على الأقدام مرتين، وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة. وكان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيَّتُهن خرج سهمها خرج بها معه، ولم يقض للبواقي شيئًا، وإلى هذا ذهب الجمهور.

وكان يقول: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وربما مدَّ يده إلى بعض نسائه في حضرة باقيهن.

وكان إذا صلَّى العصر دار على نسائه، فدنا منهن واستقرأ أحوالهن، فإذا جاء الليل انقلب إلى بيت صاحبة النوبة فخصَّها بالليل. وقالت عائشة: «كان لا يفضِّل بعضنا على بعض في مُكثه عندهن في القسم، وقلَّ يوم إلا كان يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو في نوبتها فيبيت عندها»".

وفي معاملته للأطفال: كان النبي ﷺ يحبُّ الأطفال ويُلاطفهم ويلاعبهم، وكان رحيمًا بهم، ومن أمثلة ذلك ما رواه البخاريُّ ومسلم عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ - قَالَ: أَحْسِبُهُ فَطِيمًا - وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ. (فطيمًا)؛ أي: مفطومًا. (النُّغَيْر): تصغير النُّغَر، هو طائر صغير.

وفي معاملته للحيوانات: كان النبي ﷺ يحب الحيواناتِ ويرفق بها، وكان يوصي برعايتها، روى أحمد وصححه الألبانيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ فِي حَاجَتِهِ هَدَفٌ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ، فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ قَدِ أتَاهُ فَجَرْجَرَ، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ - قَالَ بَهْزٌ، وَعَفَّانُ: فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ ﷺ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ - فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرَاتَهُ وَذِفْرَاهُ، فَسَكَنَ، فَقَالَ: «مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ؟» فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَهَا اللَّهُ، إِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ»؛ أي: تُكدُّه وتُتعبه.

وفي معاملته للجماد؛ روى البخاريُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ المِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الجِذْعُ، فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ".

فصلى الله وسلم على الأسوة الحسنة والنبي الكريم ﷺ.


[1] رواه الترمذيُّ (2018)، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (2897).

[2] رواه أبو داود (4800)، والطبرانيُّ في "المعجم الكبير" (7488)، وحسَّنه الألبانيُّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (2648). رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِم وَصَحَّحهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ، وقال ابن عبد البرِّ : هو متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره مرفوعًا.

للاستزادة


  1. تفسير ابن كثير (6/391).
  2. فتح القدير للشوكاني (4/ 311).

اخترنا لكم


شمائل الرسول ﷺ أخلاق النبي ﷺ أول دلائل نبوته
أخلاق النبي ﷺ أول دلائل نبوته

لقد خلق الله تعالى الإنسان وأوكله إلى نفسه، فيعتريه النقصُ دائمًا، ولا يمكن أن يبلغ درجة الكمال البشريِّ في الأفعال (...)

شمائل الرسول ﷺ رحمة النبي ﷺ بالمؤمنين
رحمة النبي ﷺ بالمؤمنين

لقد تجلت رحمة النبي ﷺ بالمؤمنين في منِّ الله تعالى عليهم بقوله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ (...)

شمائل الرسول ﷺ دعوة النبي ﷺ إلى حسن الخلق
دعوة النبي ﷺ إلى حسن الخلق

كان النبيُّ ﷺ يدعو إلى حُسن الخُلق، ويرسِّخ في نفوس أصحابه والمؤمنين مكارم الأخلاق، وقد أخبر ﷺ أنه بُعث ليتمِّم (...)

شمائل الرسول ﷺ رحمة النبي ﷺ بالأطفال
رحمة النبي ﷺ بالأطفال

لقد كان النبيُّ ﷺ الرحمةَ الْمُهداة للعالمين، وكانت تتجلَّى رحمته ﷺ في تعامله مع الأطفال، فكان النبي ﷺ يحبُّ الأطفال، (...)