الهدروجرافيا: علم وصف المياه أو المسح البحري: وهو علم قياس أعماق والمد والجزر والمجاري والمسطحات المائية من البحار والأنهار والبحيرات، في العادة يستخدم علم وصف المياه من أجل تقسيم المسطحات المائية لأغراض ملاحية.
أما من الناحية الهدروجرافية فإن بلاد العرب في الوقت الحاضر في جملة البلاد التي تكاد تنعدم فيها الأنهار والبحيرات، ويندر سقوط الأمطار عليها، لذا؛ صارت أكثرُ بقاعها صحراويةً، قليلةَ السكَّان، غير أنها كثيرة الأودية التي تَسيل في بعضها المياه عند سقوط الأمطار، وبعضها طويل يسير في اتجاه ميل الأرض، كما أن بعضها الآخر - وخاصَّةً التي تصبُّ في البحر الأحمر - قصير عميق المجرى، شديد الانحدار، تنحدر فيه السيول بشدَّة إلى البحر، فتضيع فيه، وربما كانت في بعض الأحيان خطرًا يهدِّد القوافل والْمُدن والأملاك، ويأتي على الناس بأفدح الخسائر.
وليس في شبه جزيرة العرب نهر واحد بالمعنى المعروف من الأنهار، وما فيها من جداولَ غيرِ صالحة للملاحة، فهي إما قصيرة سريعة الجريان، شديدة الانحدار، أو ضحلة تجفُّ في بعض المواسم، غير أن العلماء يستنتجون من اتجاه الأودية، ومن وجود العاديات والخرائب وآثار السكنى على أطرافها، والترسُّبات التي تمثِّل قيعان الأنهار، أن هذه الأودية كانت في الحقيقة أنهارًا في يوم من الأيام، وأن جوانبها كانت مأهولة بالسكان، زاخرة بالحياة، ويؤيِّد هذا الاستنتاج ما ورد في كتب اليونان والرومان من وجود أنهار طويلة في بلاد العرب، فقد ذكر هيرودوت اسم نهر دعاه كورس قال عنه: "إنه من الأنهار العظيمة، وإنه يصبُّ في البحر الأريتري" ، ويقصد به البحر الأحمر.
ويرى بعض العلماء أن المكان الذي ذكره هيرودوت هو وادي الحمض المارُّ بشمالي قرح ، على مسافة (43) كيلو مترًا من الحجر، وقد كانت عامرةً فيما مضى بالزروع والبساتين، وهي المعروفة ببساتين قرح، ويوجد بالقرب منها سقيا يزيد، أو قصر عنتر، كما تسمى في الوقت الحاضر على بُعد (98) ميلًا من شمال المدينة ، كما ذكر بطليموس اسم نهر عظيم سمَّاه lar زعم أنه ينبع من منطقة نجران؛ أي: من الجانب الشرقي من السلسلة الجبلية، ثم يسير نحو الجهة الشمالية الشرقية مخترقًا بلاد العرب حتى يصبَّ في الخليج العربي ، ويرى بعض العلماء أن هذا النهر الذي يُشير إليه بطليموس هو وادي الدواسر، الذي تمدُّه بعض الأودية المتَّجهة من سلاسل جبال اليمن بمياه السيول.
ومن آثار السدود والنواظم التي ترجع إلى ما قبل الإسلام يمكن الاستدلال على أن العرب كانوا على علم واسع بتنظيم أمور الإرواء، والاستفادة من مياه الأمطار والسيول والأنهار، كما تدلُّ كثرة المصطلحات في اللهجات العربية الشمالية والجنوبية على معرفة العرب بأنواع الآبار، والسدود، والمساك، والنحايت، وغير ذلك من الوسائل التي استُخدمت للحصول على الماء.