النبي ﷺ يعلمنا فضل الأمانة

إن الأمانة من أبرز أخلاق الرسل – عليهم السلام- فنوح، وهود، وصالح، ولوط، وشُعيب، أخبرنا الله تعالى في سورة الشعراء أن كل رسول منهم قد قال لقومه: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ ، ونبيُّنا ﷺ قد كانت الأمانة طبعًا فيه، حتى إنه كان يلقَّب قبل الرسالة بالصادق الأمين، وكان الناس يختارونه لحفظ ودائعهم، ولَمَّا هاجر ﷺ وكَّل عليَّ بنَ أبي طالب – رضي الله عنه - بردِّ الودائع إلى أصحابها.وجوب تأدية الأمانة لصاحبها البر والفاجر:

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58].

قال مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: "ثَلاَثَةٌ يُؤدَّيْنَ إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ: الرَّحِمُ تُوصَلُ كَانَتْ بَرَّةً أَوْ فَاجِرَةً، وَالأَمَانَةُ تُؤَدَّى إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، وَالْعَهْدُ يُوفَّى بِهِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ". أخرجه البيهقي في الجامع لشعب الإيمان (7/ 219).

قال الرازي في تفسيره (10/ 109): "وَاعْلَمْ أَنَّ مُعَامَلَةَ الْإِنْسَانِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَعَ رَبِّهِ، أَوْ مَعَ سَائِرِ الْعِبَادِ، أَوْ مَعَ نَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ الْأَمَانَةِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ.

أَمَّا رِعَايَةُ الْأَمَانَةِ مَعَ الرَّبِّ: فَهِيَ فِي فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكِ الْمَنْهِيَّاتِ، وَهَذَا بَحْرٌ لَا سَاحِلَ لَهُ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: (الْأَمَانَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَازِمَةٌ، فِي الْوُضُوءِ وَالْجَنَابَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ)، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا -: (إِنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ فَرْجَ الْإِنْسَانِ وَقَالَ: هَذَا أَمَانَةٌ خَبَّأْتُهَا عِنْدَكَ فَاحْفَظْهَا إِلَّا بِحَقِّهَا)، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا بَابٌ وَاسِعٌ، فَأَمَانَةُ اللِّسَانِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهُ فِي الْكَذِبِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ وَالْفُحْشِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَانَةُ الْعَيْنِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهَا فِي النَّظَرِ إِلَى الْحَرَامِ، وَأَمَانَةُ السَّمْعِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهُ فِي سَمَاعِ الْمَلَاهِي وَالْمَنَاهِي، وَسَمَاعِ الْفُحْشِ وَالْأَكَاذِيبِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي - وَهُوَ رِعَايَةُ الْأَمَانَةِ مَعَ سَائِرِ الْخَلْقِ - فَيَدْخُلُ فِيهَا رَدُّ الْوَدَائِعِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ تَرْكُ التَّطْفِيفِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَنْ لَا يُفْشِيَ عَلَى النَّاسِ عُيُوبَهُمْ، وَيَدْخُلُ فِيهِ عَدْلُ الْأُمَرَاءِ مَعَ رَعِيَّتِهِمْ، وَعَدْلُ الْعُلَمَاءِ مَعَ الْعَوَامِّ بِأَنْ لَا يحملوهم على التعصُّبات الباطلة؛ بل يُرشدونهم إِلَى اعْتِقَادَاتٍ وَأَعْمَالٍ تَنْفَعُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ، وَيَدْخُلُ فِيهِ نَهْيُ الْيَهُودِ عَنْ كِتْمَانِ أَمْرِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَنَهْيُهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ لِلْكُفَّارِ: إِنَّ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَمْرُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِرَدِّ الْمِفْتَاحِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَمَانَةُ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ فِي حِفْظِ فَرْجِهَا، وَفِي أَنْ لَا تُلْحِقَ بِالزَّوْجِ وَلَدًا يُولَدُ مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي إِخْبَارِهَا عَنِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ - وَهُوَ أَمَانَةُ الْإِنْسَانِ مَعَ نَفْسِهِ - فَهُوَ أَنْ لَا يَخْتَارَ لِنَفْسِهِ إِلَّا مَا هُوَ الْأَنْفَعُ وَالْأَصْلَحُ لَهُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَأَنْ لَا يُقْدِمَ بِسَبَبِ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ عَلَى مَا يَضُرُّهُ فِي الْآخِرَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عن رعيَّته»، فقوله: {يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها} يَدْخُلُ فِيهِ الْكُلُّ، وَقَدْ عَظَّمَ اللَّه أَمْرَ الْأَمَانَةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ﴾ [الْأَحْزَابِ: 72]، وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 8] وَقَالَ: ﴿وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ﴾ [الْأَنْفَالِ: 27]، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ»".

فضل الأمانة:

إن للأمانة فضلًا عظيمًا في الإسلام، وهي من القربات التي يتوسل بها إلى الله رجاء رفع البلاء؛ مثل الذين أَوَوا إلى غار فانسدَّ الغار بصخرة، فأخذوا يتوسلون إلى الله تعالى بأعمالهم الصالحة حتى فرَّج الله عنهم؛ روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ، أَخَذَهُمُ المَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ... وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ، قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِي فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ البَقَرِ وَرُعَاتِهَا، فَخُذْ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَخُذْ، فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِيَ، فَفَرَجَ اللَّه".

قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين (1/ 82، 83): "وأما الثالث، فتوسَّل إلى الله - سبحانه وتعالى - بالأمانة والإصلاح والإخلاص في العمل، فإنه يَذكُر أنه استأجر أُجَراءَ على عمل من الأعمال، فأعطاهم أجورهم، إلا رجلًا واحدًا ترك أجره، فلم يأخذه، فقام هذا المستأجِر فثمَّر المال، فصار يتكسَّب به بالبيع والشراء وغير ذلك، حتى نما وصار منه إبلٌ وبقر وغنم ورقيق وأموال عظيمة، فجاءه بعد حين، فقال له: يا عبد الله، أعطني أجري. فقال له: كلُّ ما ترى فهو لك، من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: لا تستهزئ بي، الأجرة التي لي عندك قليلة، كيف لي كل ما أرى من الإبل والبقر والغنم والرقيق؟ لا تستهزئ بي. فقلت: هو لك، فأخذه واستاقه كله ولم يترك له شيئًا. اللهم إن كنت فعلت ذلك من أجلك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، وانفتح الباب، فخرجوا يمشون؛ لأنهم توسَّلوا إلى الله بصالح أعمالهم التي فعلوها إخلاصًا لله - عز وجل - ففي هذا الحديث من الفوائد والعبر: فضيلةُ برِّ الوالدين، وأنه من الأعمال الصالحة التي تفرَّج بها الكُربات، وتُزال بها الظلمات، وفي هذا الحديث أيضًا دليل على فضل الأمانة، وإصلاح العمل للغير، فإن هذا الرجل بإمكانه - لَمَّا جاءه الأجير - أن يُعطيَه أُجرته، ويُبقي هذا المال له؛ ولكن لأمانته وثقته وإخلاصه لأخيه ونُصحه له؛ أعطاه كلَّ ما أثمر أَجرُه".

الأمانة من أهمِّ صفات أهل الفلاح:

قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: 1]، ثم ذكر من صفاتهم: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8].

قال الشنقيطيُّ في أضواء البيان (5/ 319، 320): "ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُفْلِحِينَ الْوَارِثِينَ الْفِرْدَوْسَ: أَنَّهُمْ رَاعُونَ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ؛ أَيْ: مُحَافِظُونَ عَلَى الْأَمَانَاتِ، وَالْعُهُودِ، وَالْأَمَانَةُ تَشْمَلُ: كُلَّ مَا اسْتَوْدَعَكَ اللَّهُ، وَأَمَرَكَ بِحِفْظِهِ، فَيَدْخُلُ فِيهَا حِفْظُ جَوَارِحِكَ مِنْ كُلِّ مَا لَا يُرْضِي اللَّهَ، وَحِفْظُ مَا ائْتُمِنْتَ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ، وَالْعُهُودُ أَيْضًا تَشْمَلُ: كُلَّ مَا أُخِذَ عَلَيْكَ الْعَهْدُ بِحِفْظِهِ، مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ، وَحُقُوقِ النَّاسِ، وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، مِنْ حِفْظِ الْأَمَانَاتِ وَالْعُهُودِ، جَاءَ مُبَيَّنًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المعارج: 32]".

الأمانة صفة الأنبياء والرسل:

ففي آيات كثيرة جاء وصف الرسل والأنبياء بوصف الأمانة، ومن ذلك سورة الشعراء، ففي قول كل من نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشُعيب – عليهم السلام - لقومه: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ ، ونبيُّنا ﷺ كان يلقَّب قبل الرسالة بالأمين.

 الأمانة علامة الإيمان وبراءة من النفاق:

إن الأمانة أمانٌ، وعلامة على الإيمان، وهي خَصلة راسخة في قلوب المؤمنين؛ فحفظ الأمانة وحسن أدائها دليل على صدق إيمان العبد، وخيانة الأمانة دليل على نفاق العبد.

 عن فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِى طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ» رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَا خَطَبَنَا نَبِىُّ اللَّهِ ﷺ إِلَّا قَالَ: «لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ» رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني.

وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».

روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».

 لأمناء هم أهل المسؤولية:

والأمانة أهمُّ صفة يتميَّز بها من يوكَّل بأي عمل، أن يكون أمينًا عليه، فالأمانة ترفع منزلة أصحابها وثقة الناس بهم، لذا؛ قالت ابنة شعيب: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26]، وأخبر الله تعالى بردِّ يوسف على الملك بأهليته للمسؤولية قال: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55]

قال ابن كثير في تفسيره (4/ 395): "مَدَحَ نَفْسَهُ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ إِذَا جُهِل أَمْرُهُ؛ لِلْحَاجَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ {حَفِيظٌ}؛ أَيْ: خَازِنٌ أَمِينٌ، {عَلِيمٌ}: ذُو عِلْمٍ وبصرَ بِمَا يَتَوَلَّاهُ".


للاستزادة


  1. تفسير ابن كثير (4/ 395).
  2. تفسير الرازي (10/ 109).

اخترنا لكم


الأمانة النبي ﷺ يعلمنا خلق الأمانة
النبي ﷺ يعلمنا خلق الأمانة

قال الله تعالى: ﴿{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً (...)

الأمانة النبي ﷺ يعلمنا صورًا من الأمانة
النبي ﷺ يعلمنا صورًا من الأمانة

الأمانة لغة: الوفاء، والأمانة ضد الخيانة. والأمانة في الشرع لها معنيان: معنى عامٌّ وآخر خاصٌّ.والواجب في الأمانات العامة والخاصة أن تُحفَظ وتؤدَّى على (...)

الأمانة أمانته ﷺ
أمانته ﷺ

كان النبيُّ ﷺ الأسوةَ الحسنة، وكان مثالًا يُحتذى به في الأمانة، وهي صفة من أعظم الصفات التي اتَّصف بها الأنبياء والرسل - عليهم السلام - وقد تجلَّت أما (...)

الأمانة النبي ﷺ يخبر عن رفع الأمانة
النبي ﷺ يخبر عن رفع الأمانة

الأمانة ضِدُّ الْخِيَانَةِ، وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهَا إِذْهَابُهَا بِحَيْثُ يَكُونُ الْأَمِينُ مَعْدُومًا أَوْ شِبْهَ الْمَعْدُومِ، وفي آخر الزمان، تتغ (...)