خاتم النبوة في جسد النبي ﷺ

هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قِطْعَةِ لَحْمٍ نَاتِئَةٍ، عَلَيْهَا شَعْرٌ عِنْدَ كَتِفِهِ الأَيْسَرِ ﷺ، حَجْمُهَا قَدْرُ بَيْضَةِ الحَمَامَةِ، وهَذَا الخَاتَمُ الذِي يُعْرَفُ بِـ(خَاتَمِ النُّبُوَّةِ) هُوَ عَلَامَةٌ مِنْ عَلَامَاتِهِ ﷺ النَّبَوِيَّةِ في الكُتُبِ السَّابِقَةِ، كَمَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قِصَّةُ بَحِيرَا الرَّاهِبِ، وَقِصَّةُ إِسْلَامِ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ -رضي اللَّه عنه - كَمَا سَيَأْتِي.

متى وجد خاتم النُّبوَّة؟

للعلماء خلافٌ في ذلك، ومقتضى الأحاديث أن الخاتم لم يكن موجودًا حين وُلِدَ ﷺ؛ وَإِنَّمَا تَكَوَّنَ بَعْدَ الوِلَادَةِ، وأنَّهُ عَلَى الأَصَحِّ كَانَ بَعْدَ حَادِثَةِ شَقِّ الصَّدْرِ، وهُوَ صَغِيرٌ ﷺ .

فتح الباري لابن حجر (7/ 255).

أخرج البخاريُّ (3541) ومسلم (2345) عن السَّائِبِ بنِ يَزِيدَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رسُولِ الله ﷺ فَقَالَتْ: يا رَسُولَ الله، إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي، ودَعَا لِي بِالبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ"؛ أي: مثل بيض الحمامة.

وأخرج مسلم (2345) عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: "رَأَيْتُ خَاتَمًا فِي ظَهْرِ رسُولِ الله ﷺ كَأَنَّهُ بَيْضَةُ حَمَامٍ".

وأخرج مسلم (2346) عَنْ عَبْدِ الله بنِ سَرْجَسٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وَأَكَلْتُ مَعَهُ خُبْزًا وَلَحْمًا. أَوْ قَالَ: ثَرِيدًا... قَالَ: "ثُمَّ دُرْتُ خَلْفَهُ، فنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ اليُسْرَى، جُمْعًا عَلَيْهِ خِيَلَانُ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ".

والناغِضُ: هو أَعْلى الكَتِفِ. وجُمْعًا: معناه أنه كجمعِ الكَفِّ، وهو صُورته بعد أَنْ تَجْمَعَ الأصابعُ وتَضُمَّها. والخِيَلان: جمع خَالٍ، وهوَ الشَّامَةُ في الجسد. والثَّآليلُ: جمعُ ثُؤْلُولٍ: وهوَ هذهِ الحَبَّةُ التي تَظْهَرُ في الجلد كالحُمُّصَة فما دونها.

ورَوَى التِّرْمِذِيُّ (22) بسند صحيح، وفي "السلسلة الصحيحة للألبانيِّ" (2093) عَنْ أَبِي نَضْرَةَ العَوَقِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ -رضي اللَّه عنه- عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ الله ﷺ - يَعْنِي خَاتَمَ النُّبُوَّةِ- فَقَالَ: "كَانَ فِي ظَهْرِهِ بِضْعَةٌ نَاشِزَةٌ"؛ أي: قِطْعَةُ لَحْمٍ مُرْتَفِعَةٌ عنِ الجِسْمِ.

ورَوَى أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ (20732) بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ لِي رسُولُ الله ﷺ: "اقْتَرِبْ مِنِّي"، فَاقْتَرَبْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: "أَدْخِلْ يَدَكَ، فَامْسَحْ ظَهْرِي". قَالَ: فَأَدْخَلْتُ يَدِيَ فِي قَمِيصِهِ، فَمَسَحْتُ ظَهْرَهُ، فَوَقَعَ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ بَيْنَ إِصْبَعِيَّ، قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَقَالَ: شَعَرَاتٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وفِي رِوَايَةِ الحَاكِمِ في المُسْتَدْرَكِ (4254): قَالَ -رضي اللَّه عنه-: "شَعَرٌ مُجْتَمِعُ عِنْدَ كَتِفَيْهِ".

للاستزادة


  1. فتح الباري لابن حجر (7/ 255).
  2. اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (1/ 99).

اخترنا لكم


قبل الرسالة والنبوة وفاة والد النبيِّ ﷺ
وفاة والد النبيِّ ﷺ

لم يَطُلِ المقام بالشابِّ الفَتيِّ، الزوجِ الجديد عبدِ الله مع زوجته آمنةَ بنتِ وهبٍ، حيث دعاه داعي الرزق والكدِّ والعمل، فخرج في عِير لقُرَيش يحملون (...)

قبل الرسالة والنبوة شُهود النبيِّ ﷺ حربَ الفِجَار
شُهود النبيِّ ﷺ حربَ الفِجَار

حَرْبُ الفِجَار هي حرب شهيرة وقعت بين قُريش ومن معها من كِنانةَ من جهة، وقَيْسِ عَيْلانَ وأحلافِها من جهة، وسببُ تسميته بـ(يوم الفِجَار) ما حدَث فيه م (...)

قبل الرسالة والنبوة رعيُ النبيِّ ﷺ للغَنَم
رعيُ النبيِّ ﷺ للغَنَم

كان أبو طالب لا مالَ له، فلمَّا عاد النبيُّ ﷺ من هذه الرِّحلة، بدأ يسعى في طلب الرِّزق، وقد اشتغل (...)

قبل الرسالة والنبوة مولد الرسول ﷺ
مولد الرسول ﷺ

وُلِد الرسول ﷺ في شهر ربيعٍ الأول، يوم الاثنين بلا خلاف، والأكثرون على أنه ليلةَ الثانيَ عشَرَ من ربيعٍ الأول .وقال خليفة بن خياط: "والْمُجمَع عليه (...)