حمل أمِّه ﷺ ووضعها به وما شاهدته من الآيات

حملُ السيدةِ آمنةَ بالنبيِّ ﷺ وما شاهدته من الآيات:

حملت السيدة الشريفة آمنةُ بنتُ وهبٍ بسيِّد ولد آدم كلهم منذ خلق الله آدم حتى قيام الساعة، خاتم الأنبياء والمرسلين، وأطهر من وطئ الثرى، ومن ثَمَّ كانت أمومةُ آمنةَ هي أعظمَ أمومة في تاريخ البشر.

وقد تَوالَت على آمنةَ الرؤى والبُشريات بجلال قَدْر هذا الجَنين، فرأت فيما يرى النائم حين حَمَلت به أنه خرج منها نورٌ أضاء الأرض، وبَدَت منه قصورُ الشام؛ فقد روى أبو نُعيم في "دلائل النُّبوَّة" (ص: 137) أن آمنةَ قالت: "رأيتُ كأنه خرج مني شهاب أضاءت له الأرض، حتى رأيتُ قصور الشام".

وما كانت تلك الرؤى والمبشِّرات لتخفى دلالاتها على السيدة آمنةَ، وهي من هي ذكاءً وفِطنة، فقد فَهِمت أن من حملت به سيكون له شأن وذكر عظيم يطوف أرجاء الأرض.

مولد الرسول ﷺ:

وُلِد الرسول ﷺ في شهر ربيعٍ الأول، يوم الاثنين بلا خلاف، والأكثرون على أنه ليلةَ الثانيَ عشَرَ من ربيعٍ الأول .

وقال خليفة بن خياط: "والْمُجمَع عليه أنه - عليه السلام - وُلِد عامَ الفيل" .

روى أحمد (17891) والترمذيُّ (3619) عن قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ: "وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ ﷺ عَامَ الْفِيلِ، فَنَحْنُ لِدَانِ، وُلِدْنَا مَوْلِدًا وَاحِدًا". واللِّدَان هما اللذان وُلِدا معًا.

وروى مسلم (1162) عن أبي قتادةَ الأنصاريِّ -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ "سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ - فِيهِ».

علامات ظهرت عند ولادته ﷺ:

1. ظهور نور من أمِّ النبيِّ ﷺ أضاءت منه قصور الشام: رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ (17163)، وابنُ حِبَّانَ (6404) والحَاكِمُ (3619) بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ العِرْبَاضِ بنِ سَارِيَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: "إنِّي عِنْدَ الله مَكْتُوبٌ بِخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وإنَّ آدَمَ عَلَيهِ السَّلامُ لَمُنْجَدِلٌ – أي: ملقى على الأرض - في طِينَتِهِ، وسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ: دَعْوَةُ أَبِي إبْرَاهِيمَ، وبِشَارَةُ أخِي عِيسَى، ورُؤْيَا أُمِّي التِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ".

2. ظُهور النَّجْم: رَوَى ابنُ إسْحَاقَ في السِّيرةِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ حَسَّانَ بنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنه- قَالَ: والله إنِّي لَغُلَامٌ يَفَعَةٌ - شَارَفَ الاحْتِلَامَ ولم يَحْتَلِمْ بعدُ - ابنُ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ، أعْقِلُ كُلَّ مَا سَمِعْتُ، إذْ سَمِعْتُ يَهُودِيًّا يَصْرَخُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ عَلَى أُطُمٍ - بنَاءٌ مُرتفعٌ كالحُصُونِ - بِيَثْرِبَ: يا مَعْشَرَ يَهُودَ، حتَّى إِذَا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، قَالُوا لَهُ: وَيْلَكَ! مَا لَكَ؟ قَالَ: طَلَعَ اللَّيْلَةَ نَجْمُ أَحْمَدَ الذِي وُلِدَ بِهِ .

علامات مشهورة عن ولادته ﷺ ولكنها غير صحيحة :

  •  لَمَّا وُلِدَ ﷺ ارْتَجَّ إيوانُ كِسرى.
  •  سَقَطت أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفةً من إيوان كسرى.
  •  خَمَدت النار التي كان يَعْبُدها المَجُوس.
  •  غاصت بُحَيْرةُ "سَاوَة"، وانْهَدَمت المعابدُ التي كانت حولَها.
  •  وغير ذلك من العلامات التي لم يصحَّ فيها شيء.

قال الغزاليُّ في "فقه السيرة" (ص 61، 62): "وهذا الكلام تعبير غَلَط عن فكرة صحيحة؛ فإنّ ميلاد محمد ﷺ كان حقًّا إيذانًا بزوال الظُّلم، واندثار عهده، واندكاك معالمه... فلمَّا أحبَّ الناسُ- بعد انطلاقهم من قيود الظُّلم- تصوير هذه الحقيقة، تخيَّلوا هذه الإرهاصاتِ، وأحدثوا لها الرواياتِ الواهيةَ، ومحمد ﷺ غنيٌّ عن هذا كلِّه؛ فإنّ نصيبه الضخم من الواقع المشرِّف يزهِّدنا في هذه الروايات وأشباهِها".

للاستزادة


  1. خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم (1/ 111).
  2. صحيح السيرة النبوية للعلي (ص: 36).

اخترنا لكم


دلائل النبوة أسماء النبيِّ ﷺ وكُنْيته
أسماء النبيِّ ﷺ وكُنْيته

إن للنبيِّ ﷺ أسماءً كثيرة، ثبتت في القرآن والسُّنَّة، ورد منها في القرآن الكريم اسمان فقط، هما: "محمد"، و"أحمد"، وورد (...)

دلائل النبوة آيات رآها النبي ﷺ  في طريقه إلى بيت المقدس
آيات رآها النبي ﷺ في طريقه إلى بيت المقدس

قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ (...)

دلائل النبوة الحكمة من فرض الصلوات الخمس على النبي ﷺ في السماء
الحكمة من فرض الصلوات الخمس على النبي ﷺ في السماء

فرض الله تعالى الصلواتِ ليلةَ الإسراء والمعراج في السماء خمسين صلاةً في اليوم والليلة، ثم خفَّفها إلى خمس صلوات في (...)

دلائل النبوة نشأة النبي ﷺ وتصرُّف الأحوال به حتى جاءه الوحي
نشأة النبي ﷺ وتصرُّف الأحوال به حتى جاءه الوحي

نشأ النبيُّ ﷺ مجبولًا على الأخلاق الحميدة في أصل خِلْقَتِه، وَأَوَّلِ فِطْرَتِهِ، بِجُودٍ إلَهِيٍّ، وخُصُوصِيَّهٍ رَبَّانِيَّةٍ، فقد حبا الله تعالى (...)