ما رآه النبي ﷺ في الجنة

لقد شاهد النبيُّ ﷺ في رحلة الإسراء والمعراج المباركة من آيات الله الكبرى، ومن ذلك أنه ﷺ أُدخِل الجنَّة، وسنذكر في هذه المقالة بعض ما رآه فيها.

المشهد الأول:

قال النبيُّ ﷺ: «ثم أُدخلتُ الجنةَ، فإذا فيها جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ - الجنابذُ جمع جُنْبُذة، وهي القُبَّة - وَإِذَا تُرَابُهَا المِسْكُ». رواه البخاريُّ (3342)، ومسلم (163).

المشهد الثاني:

قال النبيُّ ﷺ: «وإِذَا أنَا بِأَنْهَارٍ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ – أي: صافٍ لا كدَرَ فيه - وأنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وأنْهَارٍ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وأنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وإِذَا رُمَّانُهَا كَأَنَّهُ الدِّلَاءُ – جمع دَلْو، التي يُستقَى بها - عِظَمًا، وإِذَا أنَا بِطَيْرٍ كالبَخَاتِي - البَخَاتِي والبُخْتُ: جِمَالٌ طِوَالُ الأعناق - هَذِهِ»، فَقَالَ عِنْدَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهُوَ يُحَدِّثُ أصْحَابَهُ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» أخرجه البيهقيُّ في دلائل النبوة (2/ 394).

المشهد الثالث (رُؤْيَةُ الرَّسُولِ ﷺ نَهْرَ الكَوْثَرِ):

قال النبيُّ ﷺ: «بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَّتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ، الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ – أي: شديد الرائحة الذكية» رواه البخاريُّ (6581).

المشهد الرابع:

ذكر ابن إسحاق في السيرة (2/ 21) أن رَسُول اللَّهِ ﷺ رأى فِي الجَنَّةِ جَارِيَةً شَابَّةً، قَالَ: "فَسَأَلْتُهَا لِمَنْ أَنْتِ؟ وَقَدْ أَعْجَبَتْنِي حِينَ رَأَيْتُهَا"، فَقَالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَبَشَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْدًا رضي اللَّه عنه. أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/ 230)، وقال: إسناده حسن، والألبانيُّ في السلسلة الصحيحة (1859)، وقال: إسناده صحيح.

المشهد الخامس (صَوْتُ بِلَالٍ -رضي اللَّه عنه- فِي الجَنَّةِ):

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (2324) بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللَّهِ ﷺ، ودَخَلَ الجَنَّةَ، فَسَمِعَ فِي جَانِبِهَا وَجْسًا - الوَجْسُ: هو الصَّوْتُ الخَفِيُّ - قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بِلَالٌ المُؤَذِّنُ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ: "قَدْ أَفْلَحَ بِلَالٌ".

وَرَوَى البخاريُّ (1149) ومسلم (2458) عَنْ أَبِي هُرَيْرَة -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَا بِلَالُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ فِي الإِسْلَامِ مَنْفَعَةً، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلةَ خَشْفَ - الخَشْفُ: الحسُّ والحركة - نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ". قَالَ بِلَالٌ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا فِي الإِسْلَامِ أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَةً، مِنْ أَنِّي لَا أَتَطَهَّرُ طُهُورًا تَامًّا، فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كتَبَ اللَّهُ لِي أَنْ أُصَلِّيَ.

للاستزادة


  1. اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (1/ 492).
  2. دلائل النبوة للبيهقيِّ (2/ 394).

اخترنا لكم


دلائل النبوة عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً
عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً

إن النبيَّ ﷺ اسمه محمد، قد اشتمل مُسَمَّاهُ على الْحَمد؛ "فَإِنَّهُ ﷺ مَحْمُود عِنْد الله، ومحمود عِنْد مَلَائكَته، ومحمود عِنْد إخوانه من الْمُرْسلين (...)

دلائل النبوة كلام النبي ﷺ مع أبي جهل، وما رآه من العبر والآيات
كلام النبي ﷺ مع أبي جهل، وما رآه من العبر والآيات

لقد أظهر أبو جهل العداوة والبغضاء للنبيِّ ﷺ، رغم شهادته للنبي ﷺ بالصدق والأمانة، وقد قال الله عنه وعن أمثاله من المشركين وأهل الكتاب وغيرهم ممن كذَّبو (...)

دلائل النبوة الدخول في الإسلام بسبب حسن خلق النبي ﷺ
الدخول في الإسلام بسبب حسن خلق النبي ﷺ

كان النبيُّ ﷺ مجبولًا على الأخلاق الحميدة في أصل خِلْقَتِه، وَأَوَّلِ فِطْرَتِهِ، بِجُودٍ إلَهِيٍّ، وخُصُوصِيَّهٍ رَبَّانِيَّةٍ، فكان ﷺ وَصُولًا للرَّ (...)

دلائل النبوة لماذا كان عروج النبي ﷺ من المسجد الأقصى؟
لماذا كان عروج النبي ﷺ من المسجد الأقصى؟

أُسريَ بالنبيِّ ﷺ إلى بيت المقدس ليَعرُج إلى السماء من المسجد الأقصى، ولم يُعرَج به من المسجد الحرام إلى السماء (...)