الأنبياء الذين لقيهم النبي ﷺ في السموات

لقد لَقِيَ النبيُّ ﷺ عددًا من الأنبياء – عليهم السلام – في السموات السبع، فلماذا لقي هؤلاء الأنبياء دون غيرهم؟ وما الحكمة في ذلك؟

الأنبياء الذين لَقِيَهم النبيُّ ﷺ في السموات السبع:

نذكرهم من حديث النَّبِيِّ ﷺ الذي رواه البخاري ومسلم عن مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -:

آدم – عليه السلام – في السماء الأولى:

 قَالَ ﷺ: "فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ".

عيسى ويحيى – عليهما السلام – في السماء الثانية:

قَالَ ﷺ: "فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى وَيَحْيَى، فَقَالا: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ".

يوسف – عليه السلام – في السماء الثالثة:

قَالَ ﷺ: "فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى يُوسُفَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ.

إدريس – عليه السلام – في السماء الرابعة:

قَالَ ﷺ: "فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ".

هارون – عليه السلام – في السماء الخامسة:

قَالَ ﷺ: فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الخَامِسَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ".

موسى – عليه السلام – في السماء السادسة:

قَالَ ﷺ: "فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ: مَا أَبْكَاكَ: قَالَ: يَا رَبِّ هَذَا الغُلاَمُ الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي".

إبراهيم – عليه السلام – في السماء السابعة:

قَالَ ﷺ: "فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ".

الْحِكْمَةُ فِي لِقَاءِ هَؤلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ:

اخْتُلِفَ فِي الْحِكْمَةِ فِي اخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءَ الأَنْبِيَاءِ بِالسَّمَاءِ التِي تَلَقَّاهُ بِهَا، فَقِيلَ: أُمِرُوا بِمُلَاقَاتِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَدْرَكَهُ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَحِقَ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَاتَهُ.

وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى هَؤُلَاءِ الأَنْبِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ: لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَا سَيَقَعُ لَهُ ﷺ مَعَ قَوْمِهِ مِنْ نَظِيرِ مَا وَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ:

1. فَأَمَّا آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَوَقَعَ التَّنْبِيهُ بِمَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الأَرْضِ بِمَا سَيَقَعُ لِلنَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا مَا حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْمَشَقَّةِ وَكَرَاهَةِ فِرَاقِ مَا أَلِفَهُ مِنَ الْوَطَنِ، ثُمَّ كَانَ مَآلُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجعَ إلى مَوْطِنِهِ الذِي أُخْرِجَ مِنْهُ.

2. وَبِعِيسَى وَيَحْيَي - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ ﷺ مِنْ أَوَّلِ الْهِجْرَةِ مِنْ عَدَاوَةِ اليَهُودِ وَتَمَادِيهِمْ عَلَى الْبَغْي عَلَيْهِ، وَإِرَادَتِهِمْ وُصُولَ السُّوءَ إِلَيْهِ.

3. وَبِيُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ ﷺ مِنْ إِخْوَتِهِ مِنْ قُرَيشٍ فِي نَصْبِهِمُ الْحَرْبَ لَهُ وَإِرَادَتِهِمْ هَلَاكَهُ، وَكَانَتِ الْعَاقِبَةُ لَهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلى ذَلِكَ ﷺ بِقَوْلِهِ لِقُرَيْشٍ يَوْمَ الْفَتْحِ: "أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ...".

4. وَبِإِدْرِيسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى رَفِيعِ مَنْزِلَتِهِ ﷺ عِنْدَ اللَّهِ.

5. وَبِهَارُونَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى أَنَّ قَوْمَهُ ﷺ رَجَعُوا إِلَى مَحَبَّتِهِ بَعْدَ أَنْ آذَوْهُ.

6. وَبِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ مُعَالجَةِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَشَارَ ﷺ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: "لَقَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ".

7. وَبِإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي اسْتِنَادِهِ إلى البَيْتِ المَعْمُورِ بِمَا خُتِمَ لَهُ ﷺ في آخِرِ عُمُرِهِ مِنْ إِقَامَةِ مَنْسَكِ الحَجِّ وتَعْظِيمِ البَيْتِ [1].


[1] انظر فتح الباري لابن حجر (7/ 612).

للاستزادة


  1. اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (1/ 491).
  2. فتح الباري لابن حجر (7/ 612).

اخترنا لكم


دلائل النبوة تهذيب الله لنبيِّه ﷺ للقيام بالنبوة
تهذيب الله لنبيِّه ﷺ للقيام بالنبوة

لقد صنع الله تعالى رسوله ﷺ على عَينه، فظَلَّتْ حياته ﷺ قبل البعثة حياةً فاضلة شريفة، لم تُعرَف له فيها هفوةٌ ولا زَلَّة، وشبَّ رسول الله ﷺ يَحُوطه الل (...)

دلائل النبوة ما سُمع من اليهود والرهبان من الإخبار عن نبوته ﷺ
ما سُمع من اليهود والرهبان من الإخبار عن نبوته ﷺ

كَانَتْ الْأَحْبَارُ مِنْ يَهُودَ، وَالرُّهْبَانُ مِنْ النَّصَارَى، قَدْ تَحَدَّثُوا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ مَبْعَثِهِ، لَمَّا تَقَارَبَ مِنْ زَمَانِهِ بما (...)

دلائل النبوة إقسام الله تعالى بحياته ﷺ
إقسام الله تعالى بحياته ﷺ

القسَم دائمًا يكون بمعظَّم لدى الْمُقسِم، وإذا أقسم الله تعالى بشيء، فإن هذا القسم يكون تعظيمًا لهذا الشيء وتشريفًا له من قِبَل الله تعالى، وقد أقسم ا (...)

دلائل النبوة الإسراء والمعراج بجسد النبي ﷺ وروحه
الإسراء والمعراج بجسد النبي ﷺ وروحه

كانت رحلة الإسراء والمعراج في اليقظة بجسد النبيِّ ﷺ ورُوحه، لذا؛ كانت معجزةً وكرامة للنبيِّ ﷺ، وإلا لو كانت مَنامًا (...)