خصائص الرسول ﷺ

لقد كان للنبي ﷺ خصائصُ لا يتأسَّى به المسلم فيها؛ حيث إنها خاصة بالنبيِّ ﷺ، وإن كان في بعضها خلاف بين العلماء من حيث التأسِّي به فيها أو عدمه، وسنذكر هذه الخصائص عامة في هذه المقالة ثم نتناولها بعد ذلك بالتفصيل في مقالات مستقلة.

حكم البحث في اخْتِصَاصَات الرَّسُول ﷺ:

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْبَحْثِ فِي خَصَائِصِ الرَّسُول ﷺ، فَأَجَازَهُ الْجُمْهُورُ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ استحبابه ولم يستبعد وجوبه؛ لأسباب كثيرة؛ منها:

- زِيَادَةُ الْعِلْمِ.

- رُبَّمَا رَأَى جَاهِلٌ بَعْضَ خَصَائِصِ الرسول ﷺ الثَابِتَة، فَعَمِل بِهِ أَخْذًا بِأَصْل التَّأَسِّي بِالرَّسُول ﷺ، فَوَجَبَ بَيَانُهَا لِتُعْرَفَ فَلاَ يُعْمَل بِهَا.

- مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ خَصَائِصِ الرسول ﷺ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ الْيَوْمَ، قَلِيلٌ.

ومَنَعَهُ بَعْضُهُمْ؛ كَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيِّ، وَحُجَّةُ هَؤُلاَءِ أَنَّهُ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْخَصَائِصِ حُكْمٌ نَاجِزٌ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ.

قال النوويُّ في روضة الطالبين وعمدة المفتين (7/ 17، 18): "قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: ذِكْرُ الِاخْتِلَافُ فِي مَسَائِلِ الْخَصَائِصِ خَبْطٌ غَيْرُ مُفِيدٍ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ نَاجِزٌ تَمَسُّ إِلَيْهِ حَاجَةٌ؛ وَإِنَّمَا يَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَا نَجِدُ بُدًّا مِنْ إِثْبَاتِ حُكْمٍ فِيهِ، فَإِنَّ الْأَقْيِسَةَ لَا مَجَالَ لَهَا، وَالْأَحْكَامُ الْخَاصَّةُ تُتْبَعُ فِيهَا النُّصُوصُ، وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ، فَتَقْدِيرُ اخْتِيَارٍ فِيهِ، هُجُومٌ عَلَى الْغَيْبِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ.

وَالْكَلَامُ الثَّانِي: قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: مَنَعَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ الْكَلَامَ فِي الْخَصَائِصِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ انْقَضَى، فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِيهِ. وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا: لَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ، فَهَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِجَوَازِ ذَلِكَ؛ بَلْ بِاسْتِحْبَابِهِ؛ بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ، لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا، لِأَنَّهُ رُبَّمَا رَأَى جَاهِلٌ بَعْضَ الْخَصَائِصِ ثَابِتَةً فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَعَمِلَ بِهِ؛ أَخْذًا بِأَصْلِ التَّأَسِّي، فَوَجَبَ بَيَانُهَا لِتُعْرَفَ فَلَا يُعْمَلَ بِهَا، وَأَيُّ فَائِدَةٍ أَهَمُّ مِنْ هَذِهِ؟ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ الْخَصَائِصِ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ الْيَوْمَ، فَقَلِيلٌ لَا تَخْلُو أَبْوَابُ الْفِقْهِ عَنْ مِثْلِهِ لِلتَّدَرُّبِ وَمَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ، وَتَحْقِيقِ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ".

أَنْوَاعُ اخْتِصَاصَاتِ الرَّسُول ﷺ:

1. الأحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الَّتِي لاَ تَتَعَدَّاهُ إِلَى أُمَّتِهِ كَكَوْنِهِ لاَ يُورَثُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

2. الْمَزَايَا الأخْرَوِيَّةُ، كَإِعْطَائِهِ الشَّفَاعَةَ، وَكَوْنِهِ أَوَّل مَنْ يَدْخُل الْجَنَّةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

3. الْفَضَائِل الدُّنْيَوِيَّةُ، كَكَوْنِهِ أَصْدَقَ النَّاسِ حَدِيثًا.

4. الْمُعْجِزَاتُ كَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ، وَغَيْرِهِ.

5. الأمُورُ الْخُلُقِيَّةُ، كَكَوْنِهِ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

للاستزادة


  1. الموسوعة الفقهية الكويتية (2/ 256).
  2. روضة الطالبين 7 / 17، وأسنى المطالب 3 / 107

اخترنا لكم


خصائص الرسول ﷺ ما اختص به ﷺ من الأحكام التكليفية
ما اختص به ﷺ من الأحكام التكليفية

لقد كان للنبي ﷺ خصائصُ متنوِّعة لا يتأسَّى به المسلم فيها؛ حيث إنها خاصة بالنبيِّ ﷺ، وهناك اختصاصات له ﷺ من الأحكام التكليفية، والاختصاصاتُ التي اخْتُ (...)

خصائص الرسول ﷺ مشاورة النبي ﷺ لأصحابه
مشاورة النبي ﷺ لأصحابه

إنَّ للشورى أهميةً كبيرة في حياة الأمم والشعوب؛ فبالشورى تنجلي الحقائق، وتتضافَر الآراء والجهود، وتتوزَّع المسؤولية، ويبدو التعاون والتناصُح، وتقوَى ش (...)

خصائص الرسول ﷺ صور من مشاورة النبي ﷺ
صور من مشاورة النبي ﷺ

لِما للشورى مِن أهمية كبيرة في حياة الأمة؛ فقد أمر الله نبيَّه ﷺ بمُشاورة المؤمنين، فقال الله تعالى: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْ (...)

خصائص الرسول ﷺ مصابرة النبي ﷺ للعدو
مصابرة النبي ﷺ للعدو

لقد كان النبي ﷺ مصابرًا لأعدائه، فمنذ أن كلِّف بالرسالة، واجه الكافرين بالدعوة والجهاد، وكان أشدَّ منهم إصرارًا، وأعظم صبرًا، حتى بلَّغ الرسالة، وأدَّ (...)